الثلاثاء، 27 يناير 2009

رسالة مفتوحة الى البرلمان

كتابات - موسى فرج *

الأولوية أمام مجلس النواب هي :
وقف الإبادة الجماعية لفقراء الشعب العراقي , ومناقشة ما تحقّق من موازنات الأعوام الماضية ..
السلام عليكم وتحية طيبة ..
• (إن مجموع ما صرفته الحكومة من موازناتها للأعوام الماضية لم يتجاوز 30% وإن50% من المصروف ذهب لرواتب الحكومة ومصاريفها) .. هذا النص لم يرد في مقالة لأحد معارضي سياسة الحكومة بل ورد حرفياً في نص رسالة الأمانة العامة لمجلس الوزراء المنشورة في جريدة دار الحياة تحت عنوان : (مجلس الوزراء العراقي يردّ على اتهامات رئيس هيئة النزاهة السابق : لا أحد ينكر ظاهرة الفساد لكن أرقام موسى فرج خيالية) ..
• (بلغت نسبة التنفيذ لعام 2008 (5% فقط) وهذا نص تصريح السيد وزير التخطيط لقناة الفيحاء الفضائية ..واستناداً الى ما ورد أعلاه أبين الآتي :
1. أن الموازنات المعلنة من قبل الحكومة للسنوات الثلاث الأخيرة فقط والتي بلغت : 42 , 47 , 80 مليار دولار ويبلغ مجموعها 169 مليار دولار , المصروف منها 30% ويعني أقل من 51 مليار دولار للسنوات الثلاث وبمعدل سنوي مقداره 17 مليار دولار ..
2. أن 50% من المصروف ويبلغ 8.5 مليار دولار سنوياً ذهب لرواتب ومصاريف الحكومة و 8.5 مليار دولار صرف على الجوانب الأخرى في الموازنة ومن بينها بالطبع تسليح الداخلية والدفاع وتعويضات حروب صدام وهذه لا يقل المصروف عنها بأي حال عن 3.5 مليار دولار سنوياً, لأن التعويضات فقط أصدرت من قبل الأمم المتحدة بما يعادل 5% من عائدات العراق النفطية سنويا وعندما تكون تلك العائدات 80 مليار فإن التعويضات تبلغ 4 مليار دولار سنوياً واذن فإن المصروف سنوياً من موازنات الحكومة على الشعب العراقي لم يتجاوز 5 مليار دولار مقابل معدل موازنات معلنة مقداره 56 مليار دولار!..وعندما تكون نسبة التنفيذ 5% فقط فان ذلك يعني أنه وفق الأداء الحالي للحكومة فإن المشروع الذي تحدد مدّة تنفيذه بسنة واحدة ينجز في 20 سنة والمشروع الذي تحدد مدّة تنفيذه بثلاث سنوات يستغرق إنجازه (60سنة) لأن القدرة على التنفيذ تبلغ 1/20 ..
3. هذا واقع حال :.. لنرجيء مناقشة أسبابه مؤقّتاً ولكن الأهم من ذلك مناقشة آثاره على الشعب العراقي .. فأبين الآتي :
1. فشل الأداء الحكومي في مجال استغلال التخصيصات المالية جعل من المصروف من قبل الدولة على المواطن العراقي ولكافة مناحي الحياة هو 15 دولار شهرياً وهو لا يوفّر مقومات الحياة ليوم واحد كما أن فشل الأداء الحكومي في التنفيذ جعل إنجاز مشاريع خدمية على الأرض مجرّد خرافة ولذلك حرم الفقير من مقومات الحياة وحرم من الخدمات وفي ظروف العراق الحالية لا يوجد سبيل آخر أمام العوائل الفقيرة غير الحكومة وموازنتها ..
2. سياسات الحكومة في الجانب الإقتصادي عمّقت محنة الفقراء فعندما ألغت الحكومة الدعم عن المحروقات ارتفعت تكاليف المعيشة ثلاث مرات لأن الوقود يشكل ثلث تكاليف المنتجات الزراعية والصناعية وتكاليف نقلها وعندما تحوّل الصناعيون الى تجار بسبب ذلك وبسبب عدم وجود الكهرباء والوقود فإنهم رفعوا أسعار المنتجات المستوردة بعد أن ارتفعت تكاليف المحلية ولم تعد منافساً وأيضا ارتفعت تكاليف المعيشة على المواطن من جراء ارتفاع أسعار الوقود المستخدم في البيوت وتكاليف النقل وعندما ألغت الحكومة 50% من الدعم المخصص للبطاقة التموينية اختزلت وزارة التجارة رسمياً المفردات من 10 الى 5 وصار الفقير مضطر لشراء ليس الخمسة المختزلة بل تسعة لأن وزارة التجارة لم توفر حتى الخمس مفردات بمعنى أن تكاليف المعيشة ارتفعت على المواطن خمس مرات وهذا يعني بالمقابل أن المستوى المعاشي للمواطن إنخفض الى 20% مما كان عليه سابقاً والذي تضرر من فشل الأداء الحكومي ومن سياسات الحكومة وبشكل عنيف وقاسي للغاية هم الفقراء وفي هذه الحالة فإن العوائل الفقيرة وهم الذين يحتلّون الطبقة السفلى من الحرمان تواجه الإبادة الجماعية ..حقيقةً لا مجازاً ..
3. حصة العراقي من موازنة الحكومة تبلغ ثلاثة آلاف دولار سنوياً (80 مليار دولار ل 27 مليون نسمة) وحصّته الشهرية من الموازنة تبلغ 250 دولار , حصّة العائلة المكوّنة من 5 أشخاص من الموازنة تكون 15 ألف دولار سنوياً أي1250 دولار شهرياً ..المصروف فعلاً من موازنة الحكومة على الفرد الواحد 15 دولار شهرياً وعلى العائلة 75 دولار شهرياً ..فإذن العوائل الفقيرة لها بذمّة الحكومة 1250 دولار شهرياً ولا تنفق الحكومة منها غير 75 دولار لكافّة مناحي الحياة مباشرة وغير مباشرة مشتركة وغير مشتركة ومن حق العوائل الفقيرة أن تصرف لها الحكومة نقداً نصف ما تستحقه على الأقل وهو 600 دولار شهرياً وتحتفظ الحكومة بالنصف الآخر , أما العوائل الأخرى فلا تواجه إبادة من جراء احتفاظ الحكومة بحصصها في الموازنة .
4. يتطلب ذلك تخصيص 10 -15 % من الموازنة كإعانات للعوائل الفقيرة التي يبلغ دخلها الشهري 150ألف دينار فأقل واعتبار الحد الأدنى لدخل العائلة هو 750 ألف دينار (بمعنى صرف ما يسد الفجوة للعوائل التي يتراوح دخلها بين 150 – 750 ألف دينار ..وهذا يعني شمول بين 2-2.5 مليون عائلة ويعني إنقاذ 10– 12.5 مليون عراقي من الإبادة الجماعية بسبب فشل الأداء الحكومي.
5. هل يتسبب ذلك في ضنك مالي للحكومة ؟ أبداً .. لأن نسبة المصروف من قبل الحكومة للسنوات الماضية لم يتجاوز 30% فان زاد بالنسبة المشار اليها فانه يرتفع الى 40 – 45 % ويبقى أمام الحكومة 55 – 60 % من التخصيصات تستطيع أن تأخذ مداها على راحتها فيما لو عالجت فشل الأداء الحكومي وارتفعت نسبة استغلالها للتخصيصات ..
6. هل يتعارض ذلك مع توصيات البنك الدولي ؟ أبداً ..لأن البنك الدولي عندما اعترض على الدعم الذي تقدمه الحكومة للمحروقات فان جوهر اعتراضه هو أن الحكومة لا تفرق في تقديمه بين الغني والفقير والبنك الدولي يعتبر الدعم المقدّم من قبل الحكومة للمحروقات يشكّل تبذير لأنه يزيد الغني غنى فطلب من الحكومة أن ينحصر الدعم بالطبقات الفقيرة من خلال صرف إعانات مالية لتعويضهم عن فرق السعر ونفس الشيء بالنسبة للبطاقة التموينية فإن البتك الدولي يرى في دعم الحكومة للبطاقة التموينية تبذير لأنه لا يفرق بين الغني والفقير ويطلب من الحكومة حصر الدعم بالطبقات الفقيرة من خلال صرف معونات نقدية ..واذن تخصيص إعانات شهرية للعوائل الفقيرة لا يتعارض مع توصيات البنك الدولي بل بالعكس هذا ما يطالب به البنك الدولي ..
7. ما هي المسؤوليات المترتبة على الحكومة ومجلس النواب في حال استمرار الوضع كما هو عليه ؟
عندما تقول الحكومة بأنها وجدت البنية التحتية مدمّرة فإن هذا القول يصلح في نهاية عام 2003 أما في نهاية عام 2008 فإنه مرفوض وغير مقبول من قبل أي مسؤول حكومي أو نيابي لأن ست سنوات زائداً مال تكفي لبناء ثلاث بنيات تحتية والنفط ملك الشعب العراقي وبموجب أحكام الدستور فإن واجب الحكومة توظيف موارد العراق لتوفير مقومات الحياة للناس وما دامت قد عجزت عن ذلك فلا مناص أمامها لإطلاق صرف جزء من أموال من يواجه الإبادة منهم بسبب الفقر وانعدام المورد ..وتجاوزاً نسميها إعانات أما في حقيقتها فليست إلا بعض من أموال الناس المطلوب صرفها لهم , أما غير ذلك فإن المسؤولين في الحكومة ومجلس النواب يتحملون كامل المسؤولية عن كل عراقي يموت بسبب الفقر وعن كل طفل يموت بسبب عدم وجود إمكانية لشراء دواء وعن كل عراقي لا توفر له الحكومة ماء صالح للشرب ودواء صالح وغذاء صالح وفي نفس الوقت لا تصرف له جزء من أمواله التي تعجزعن إنفاق أكثر من 30% منها ومعظمها لرواتبها هي ومصاريفها هي ..وعندما أقول ذلك فهي ليست مناكدة أو مشاكسة للحكومة أو مجلس النواب وإن اعتبرتها كذلك فليس أشرف منه فعلا ولا أنبل منه مقصدا ..وهو الوحيد الذي يستحق أن يخسر المرء حياته من أجله ..
الأولوية الثانية : ماذا تحقق من موازنات الأعوام الماضية ؟ فشل الأداء الحكومي :
وبصدده أبين الآتي :
1. تعتبر الموازنة المالية وسيلة الحكومة في تنفيذ برنامجها الإقتصادي للشعب العراقي خلال سنة وفي هذا الجانب لا بد من التركيز على حقيقتين :
الأولى : أن التخصيصات المالية الموضوعة تحت تصرف الحكومة لم توضع تحت تصرّفها على سبيل الأمانة أو الوديعة بل لإنفاقها من قبل الحكومة على الشعب العراقي (شرط توفر مشروعية الصرف بمعنى أن يكون لكل دينار مصروف ما يقابله من نتائج ماثلة للشعب العراقي) وهذا ما فشلت الحكومة في القيام به ..
الثانية : في ظروف العراق الحالية حيث لا توجد للشعب العراقي وخصوصاً الطبقات الفقيرة من مصادر للدخل بسبب البطالة وبسبب سياسات الحكومة في رفعها لأسعار الوقود وعدم توفر الكهرباء فإن النشاط المحلي الزراعي والصناعي توقف وبات الإعتماد على السلع المستوردة ورافقه أيضا ارتفاع نسبة البطالة فإن موازنة الحكومة هي المصدر الوحيد لتوفير مقومات الحياة ومتطلبات المعيشة للناس وخصوصاً الفقراء , والمصدر الوحيد للخدمات ذات المساس المباشر بالحياة اليومية لكل طبقات الشعب ..وان إخفاق أجهزة الحكومة في استغلال كامل تخصيصاتها يعني حرمان الفقراء من مقومات الحياة ومصادر العيش وحرمان الجميع من الخدمات وهو بالنسبة للأولى قطع الأرزاق وهو أخطر من قطع الأعناق , وللثانية كارثة إنسانية وخدمية ..
2. مما تقدم يتبين أن فشل الأداء الحكومي في استغلال التخصيصات المالية وفشله في تحقيق نسب تنفيذ مقبولة يشكل الصفحة الأكثر خطورة في الفساد في العراق لأنه لا يمكن لأي عاقل مختصّ أوغير مختصّ أن يتصور أنه يمكن توفير مقومات الحياة ومتطلبات العيش والخدمات الأساسية ومصادر الرزق لشعب يبلغ تعداده 27 مليون نسمة من خلال صرف 5 مليارات دولار عليه من موازنات يبلغ معدلها 56 مليار دولار .
3. ولذلك أقول لمن ينكر الفساد في العراق أو يوجّه الجهود لتكذيب تقارير منظمة الشفافية الدولية أو يقول بأن الفساد ليس من النوع الثقيل في العراق أقول له : دع الحكومة تخصّص بنداً في موازنتها السنوية بإسم (بند الفساد) ولتخصّص له 10% من موازناتها السنوية وهو يعادل 8 مليار دولار بالنسبة لموازنة عام 2008 ويشكل رقم قياسي للفساد في أية دولة من دول العالم وخصّصه للإختلاسات والرشاوي وغسيل الأموال مقابل أن تضمن الحكومة استغلال الباقي وهو 72 مليار دولار بصورة كفوءة ونزيهة وهو مبلغ هائل يجعل من العراقيين في الداخل يعيشون في بحبوحة والعراقيين في الخارج هم يدفعون بدل ضيافة للدول المضيفة بدلاً من أن ينتظروا الإعانات أو ليضمن مجلس النواب العراقي أن توفر الحكومة بموازنتها البالغة 80 مليار دولار من مقومات الحياة ومتطلبات العيش ومصادر الرزق والخدمات للشعب العراقي بمقدار ما توفّره موازنة الحكومة السورية البالغة (10 مليارات دولار) لعام 2008 .. في حين أن عدد سكانها (20 مليون نسمة) مقارب لعدد السكان في العراق وهي أيضا جارة للعراق ليس جغرافياً فقط بل تقع ضمن الربع الأول من الدول الأكثر فساداً في العالم بموجب تقرير منظمة الشفافية العالمية , فإن وفّرت الحكومة بموازنتها البالغة 80 مليار دولار ما وفرته الموازنة السورية ب 10 مليار دولار فإن الشعب العراقي يتنازل عن الفرق بين الموازنتين والبالغ 70 مليار دولار للحكومة ومجلس النواب !
4. ماذا يريد مجلس النواب لإقناعه بفشل الأداء الحكومي بشكل غير مسبوق ؟
أ . الواقع على الأرض ؟ فليعرض أمين عام مجلس الوزراء أو الناطق باسم الحكومة على الشعب العراقي خارطة العراق مؤشراً عليها أي من الآتي : وحدة سكنية أنجزتها الحكومة خلال خمس سنوات , مستشفى واحد , مصنع واحد , دونم واحد تم استصلاحه , ساعة واحدة تم تخفيضها من ساعات انقطاع الكهرباء , كيلو غرام واحد تم اضافته لأي من مفردات البطاقة التموينية , شهر واحد وصلت المفردات كاملة ,شهر واحد وصلت المفردات سالمة من التلف والفساد , دواء واحد فحصته الحكومة من 90% من الأدوية الداخلة الى العراق وتصفها أجهزة وزارة الصحة بالسموم , أن 50% من الشعب العراقي لا يشرب الماء الملوّث , وان 10% من الألغام غير المنفلقة البالغ عددها 25 مليون لغم تمّت معالجته , أو أن الحكومة عالجت 10% من البيئة الكارثية الملغومة باليورانيوم والفضلات السامة ,أو أن تثبت الحكومة أنها وفّرت الدواء ل 10% من المصابين بالسرطان وعددهم يربو على 200 ألف من بينهم 150 ألف طفل , أو وفّرت أمبولة واحدة لمعالجة السرطان يفتقر اليها طفل مصاب بالسرطان يضطر أهله لتدبير 1400 -1500 دولار ثمن أمبولة شهرياً من إيران أو يموت , أن تثبت الحكومة أن الوثائق المتعلقة بتسرب الأيدز في الحلة مزوّرة وأن الوثائق المتعلقة باستخدام أدوية بيطرية خاصّة بالحيوانات لعلاج عراقيين في الديوانية مزوّرة ..
ب . المقارنة مع الدول ؟ فليهاتف أعضاء مجلس النواب زملاؤهم في مجلس الشعب السوري ويسألونهم : هل أن الكهرباء تنقطع في سوريا 22 ساعة يومياً , هل أن 40 % من السوريين يشربون ماء ملوّث , هل أن البطاقة التموينية يصل منها التايد فقط , هل أن الأغذية تالفة وفاسدة , هل أن 90 % من الدواء سموم ولا يتم فحصه , هل ان الخدمات مماثلة لما هو موجود في العراق , فاذا كانت الإجابة بنعم .. فإنه يعني أن الوضع بين العراق وسوريا متطابق ولكن ما تحقّق في سوريا تحقّق من خلال 10 مليارات دولار فقط فلماذا يتحمّل الشعب العراقي 80 مليار .. وذلك يترتب عليه ان تعيد الحكومة للشعب العراقي الفرق بين الموازنة العراقية والموازنة السورية وهو 70 مليار دولار وتوزّع على الشعب العراقي نقداً ..وان كان الجواب : لا .. فان على الحكومة أن تعيد كامل مبلغ الموازنة الى الشعب العراقي نقداً بما فيه رواتبها ورواتب مجلس النواب لأن الحكم ليس حقّاً إلاهيّاً إنما لخدمة الشعب وتوفير مقومات حياته والحكومة ومجلس النواب وسائل وليست غايات فإن فشلت الوسائل في تحقيق الغايات فلا يترتب بذمّة الشعب العراقي مقابل لها لأن الأجر ليس بقدرالمشقّة بل بقدر النتائج وعندما لا توجد نتائج فلا يترتّب أجراً بذمّة الشعب العراقي..
ج . هل يريد مجلس النواب شهادات معتبرة ؟: هذه شهادات الأمم المتحدة , منظمة الصحة العالمية , منظمة الشفافية العالمية , الصليب الأحمر الدولي وهي شهادات معتبرة ..
- الأمم المتحدة تقول : أن ما يحصل في العراق يمثّل كارثة إنسانية حقيقية يصعب تصورها ففي حين يمتلك العراق كل هذه الثروات الهائلة وموارد بشرية قلّ نظيرها في العالم فإن نسب الفقر والفقر المدقع وتدنّي المستوى المعاشي وانعدام الخدمات ونسب البطالة لا يمكن تصديقها ! ولذلك فإن ما يحصل في العراق حالة شاذّة عالميّاً (وبسبب فشل الأداء الحكومي والفساد) ..
- منظمة الصحة الدولية : (الوضع الصحي في العراق يمثّل كارثة إنسانية حقيقية) ..
- منظمة الشفافية العالمية : (إن ما يحصل في دول مثل العراق يمثّل كارثة إنسانية لا يجوز السكوت عنها)..
- الصليب الأحمر الدولي :(إن 40% من الشعب العراقي يشربون ماء ملوّث) ..
- وزير الصحّة الأمريكي بعد زيارة ميدانية للعراق :(الحكومة تتحمل مسؤولية وباء الكوليرا ..)
د . هل يريد مجلس النواب : الإعتراف وهو سيد الأدلّة ؟ .. مجلس الوزراء يعترف خطياً (بأن الحكومة لم تصرف من موازناتها للأعوام الماضية أكثر من 30% نصفها لرواتبها ومصاريفها)..والسيد وزير التخطيط يقول (بأن نسبة التنفيذ في عام 2008 بلغت 5% فقط) ويقول بأنه لا توجد خطّة لسنة واحدة بمعنى لا وجود لخطة سنوية على الأقل وهذا يعني أن دور وزارة المالية مجرّد أمين صندوق تصرف عندما يطلب منها الصرف وهي حالة شاذّة وتشكل استمراراً لنهج صدام في التعامل مع موارد الشعب العراقي وأمواله وفق صيغة المكرمة والهبة والعطية ..في حين أن العراق غادر النظام الصدامي منذ ست سنوات ! ولا توجد دولة في العالم لا تعتمد خطط سنوية وخمسية وبعيدة المدى ..
5. أسباب فشل الأداء الحكومي :
- لا يمكن للحكومة أن تعلق الأمر على شمّاعة الوضع الأمني لأن الوضع الأمني في الأساس غير مستقر في ثلاث محافظات وفي بقية المحافظات الوضع الأمني مستقر .. ولم تعد الشركات الأجنبية متخوّفة من الوضع الأمني في العراق بدليل ما أعلنه رئيس هيئة الإستثمار بأن العروض المقدّمة للهيئة بلغت 75 مليار دولار ..
- لا يمكن للحكومة أن تعلق الأمر على تركة النظام الصدامي لأن العراق غادر النظام المذكور منذ ست سنوات وهي مدّة كافية لأن يطوى منهجه ومع ذلك فإن مستوى استغلال الحكومة لتخصيصاتها السنوية لم يبلغ 30% لا في العهد الصدامي ولا في من سبقه من عهود وأيضا لم تبلغ نسبة التنفيذ 5% قبل عام 2003 ..الى جانب ذلك فإن نظام صدام أعدم وزير صحّته "رياض حسين" بسبب تسرّب الأيدز لشحنة من الدم المستورد من فرنسا وأعدم وزير الكهرباء وأمين العاصمة (المفتي) على خلفية قضايا فساد في حين أنه لم يرفع شعارات محاربة الفساد ..
- لا شك أن المحاصصة سبب مهم لفشل الأداء الحكومي ولكن ذلك لا يصلح حجة من قبل الحكومة لأن رئاسة الحكومة لم تقف مرّة واحدة أمام مجلس النواب وتقول ياحزب فلاني إن وزيركم فاشل وهذه مؤشرات أداءه ويا حزب فلاني وزيركم فاسد وهذه مؤشرات فساده فأبدلوهما وإلا فإننا لن نتحمل المسؤولية الوطنية والأخلاقية أمام الشعب العراقي من جراء فاشل أو فاسد وفوق ذلك المسؤولية القانونية لأن الدستور ينص على أن المسؤولية في مجلس الوزراء تضامنية وفرادى ..
- الى جانب ذلك فإن مجلس النواب لم يخصص جلسة واحدة لمناقشة الوضع المعاشي للشعب العراقي ولم يحاسب وزيراً ولم يطرد فاشلاً أو فاسداً في وقت يسمع فيه الشعب العراقي ما فعله الكنيست بأولمرت على خلفية 150 ألف دولار لم يسرقها إنما تلقّاها إعانة في حملته الإنتخابية قبل تسلّمه المسؤولية ..
- ولم يناقش مجلس النواب يوماً واقع استغلال الحكومة لتخصيصاتها أو واقع التنفيذ أو نتائج تنفيذ الموازنة ولم يقدم رئيس الحكومة يوماً تقرير لمجلس النواب أو يخاطب الشعب كما يجري في بقية الدول ليقول هذا ما تحقّق في مجال رفع المستوى المعاشي للشعب وفي مجال الخدمات : الماء , والكهرباء , والسكن ..الخ
- سبب فشل الأداء الحكومي هو إنغماس الحكومة في الجانب السياسي على حساب واجباتها التنفيذية وانغماس مجلس النواب في (العملية السياسية) وقد كتبت قبل ثلاث سنوات الى مجلس النواب بأن الجميع في العراق منغمس في العملية السياسية : الأحزاب ومجلس النواب والحكومة في حين توجد مهام أهم من ممارسة السياسة وهي توفير معيشة الناس وينبغي أن تتفرّغ الحكومة لواجباتها التنفيذية ويخصّص مجلس النواب ثلث وقته لمتابعة معيشة الشعب ولكن لم يحصل ..
- وسبب فشل الأداء الحكومي يقف وراءه تخلي مجلس النواب عن وظائفه وواجباته في الرقابة ومحاسبة الحكومة والمسؤولين فيها وإخفاقه في القيام بواجباته الدستورية فاستضعفته الحكومة ومنعت عنه القيام بواجبه في الرقابة وجعلت تلك المهمّة مرتبطة بوزير تنفيذي هو وزير الدولة لشؤون مجلس النواب وبدلاً من أن يكون ذراع المجلس في الحكومة بات ذراع الحكومة في المجلس ..
- حصل ذلك لأن المجلس تخلى عن سلاحه الوحيد وهو سلطته في محاسبة الحكومة ففقد سطوته على الحكومة وبدلاً من ذلك فرضت سطوتها عليه واستطالت عليه ومعروف بأن علوية المجلس على الحكومة يعني تجسيداً للديمقراطية ولكن علوية الحكومة على المجلس طريق يفضي مباشرة الى السلطوية والإستبداد ..
- وحصل ذلك لمجلس النواب لأن معظم أعضاءه استبدل ولاءه للشعب العراقي بالولاء للأحزاب واستبدل سهره على مصلحة الشعب العراقي بالسهر على مصلحة الأحزاب واستبدل خضوعه لإرادة الشعب والدستور للخضوع للمتنفّذين في المجلس من الأحزاب فنكث معظم النواب بالقسم الدستوري وهي جريمة مخلّة بالشرف ..
- لذا فإن مجلس النواب وعلى الأقل في سنته الأخيرة مطلوب منه أن يناقش موازنات الأعوام الماضية بدءاً بنسبة صرف الحكومة لتخصيصاتها السنوية للأعوام الماضية لأنه وحتى لو سلّمنا بأن تصرفات الحكومة المالية لم يداخلها الفساد (بالمعنى الذي تحاول الحكومة اعتماده وهو الإختلاس والرشوة) فإن استغلال الحكومة لتخصيصاتها وبنسبة 30% فقط هي أخطر وأضخم عملية فساد في العراق لأن الفساد يعني إلحاق الضرر بالمجتمع والدولة من جراء ممارسة الوظيفة الرسمية فإن يقتصر صرف الحكومة لتخصيصاتها على 30% و50% مما صرف على رواتب الحكومة ومصاريفها فإن مجلس النواب لم يقر الموازنات لتحتفظ بها الحكومة على سبيل الوديعة والأمانة وإنما لإنفاقها لتوفير مقومات الحياة للشعب العراقي وإخفاق الحكومة في هذا الجانب يعني إخلالها بواجباتها الدستورية وتعريض الشعب العراقي الى الإبادة الجماعية وعندما يضاف الى ذلك أن نسبة التنفيذ 5% فقط فإنه يعني أن ما قرّرته الحكومة من مشاريع لسنة واحدة أنجزت 1/20 منه ويعني أنه يتطلب 20 سنة لإنجازه الى جانب ذلك سياسات الحكومة في مجال رفع الدعم عن المحروقات والبطاقة التموينية تحت ذريعة توصيات البنك الدولي ..وهو غير صحيح لأن توصيات البنك الدولي تتضمّن شقّين : رفع الدعم مع نعويض الطبقات الفقيرة المتضرّرة من جرّائه فنفّذت الحكومة الشقّ الأول ولم تكلف نفسها تنفيذ الشق الثاني ..
- وفيما يتعلق بمصير أموال الشعب العراقي فإنه في الوقت الذي يصرّح فيه السيد وزير المالية بأن المبالغ الموجودة تبلغ 120 مليار دولار منها 70 مليار دولار في البنك المركزي و50 مليار في وزارة المالية فإن السيد وزير النفط يصرّح بأن الموجود النقدي لا يتجاوز 60 مليار دولار 30 مليار في البنك المركزي و30 مليار في وزارة المالية بفارق مقداره ليس 60 دولار بل 60 مليار دولار !وللوقوف على الحقيقة : فإن الموازنات المعلنة سنوياً تقابلها إيرادات متحققة والفرق بين الإيرادات والنفقات يسمى عجزاً وعليه فإن الرصيد النقدي لدى الحكومة اليوم = حجم الموازنات المعلنة – العجز – المصروف من الموازنات : حجم الموازنات المعلنة للأعوام 2004 ,2008 بلغ : 20+35+42+47+80 = 224 مليار دولار ..العجز في2003 ,2004: بلغ 3مليون , 600 مليون سدّد من مذكرة التفاهم وفي عام 2005 بلغ 7مليار وفي عام 2006 بلغ 3.8 مليار وفي عام 2007 بلغ 7.7 وفي عام 2008 بلغ 6 مليار المجموع = 24.5 مليار دولار ..المصروف من الموازنات = 224 ×30% = 67 مليار دولار .. إذن الرصيد النقدي : 224 – 24.5 – 67 = 132.5 مليار دولار ..يضاف الى ذلك ما تسلمته الحكومة من رصيد صندوق تنمية العراق (وهي الأموال العراقية المجمدة) ومقدارها 21 مليار دولار وضعت تحت تصرف بريمر وانتقلت الى الحكومة في عهد حكومة الدكتور الجعفري ..ويضاف حجم الفروقات في احتساب أسعار النفط عدا عام 2008 فقد أضيفت بصيغة موازنة تكميلية .فإذن الموجود النقدي اليوم يجب أن يزيد على 140 مليار دولار وليس 120 مليار كما يشير السيد وزير المالية وبالطبع ليس 60 مليار دولار كما يشير السيد وزير النفط (وهي حجّة على السيد وزير النفط بعدم دقّة أرقام النفط أيضاً) وينبغي التوثّق من وجود الرصيد بشهادات رسمية من البنك المركزي ووزارة المالية .
- الجانب الأساسي الآخر هو سرقة ونهب النفط : فان انتاج العراق عام 1979 وفي ظروف تكوين الكوادر العراقية بعد أن غادرت الأجنبية بسبب التأميم كان المعدل اليومي 3.7 مليون برميل وفي عام 1990 في ظروف خروج العراق من حرب 8 سنوات لم تبقى فيها منشأة نفطية أو صناعية قائمة على الأرض فإن معدل الإنتاج بلغ 3.5 مليون برميل يوميا ووصل الى 4 مليون برميل وفي عام 2003 وفي ظروف حصار خانق وعدم صرف نظام صدام دولار واحد لأغراض الصيانة كان معدل التصدير 3 مليون برميل يومياً عدا كوبونات النفط وبعد انتهاء العمليات الحربية عام 2003 صرّح أول وزير نفط عراقي (السيد ثامر الغضبان) بأن معدل انتاج النفط 2.8 مليون برميل يومياً تعهّدت شركة هاليبرتون المملوكة من قبل "دك تشيني" نائب الرئيس الأمريكي أن تعيده الى ما كان عليه قبل الحرب لقاء مبلغ 1.144 مليار دولار وتسعة أشهر من العمل وحصل لكن معدلات الإنتاج بدأت في عهد السيد "الشهرستاني" وزير النفط تأخذ منحى آخردراماتيكي كما يقولون في السياسة (بين 1.7-1.8 مليون برميل يوميا) ولم تتجاوز 2 مليون برميل طيلة السنوات السابقة في حين كانت العمليات الإرهابية تحصل في بيجي وهي منطقة توجد فيها مصفى وليست منطقة لإنتاج وتصدير النفط , لكن في البصرة توجدعمليات من نوع آخر وهي سرقة وتهريب النفط بلغت حسب تقرير مفتش عام وزارة النفط (السابق) حالياً أمين عام مجلس الوزراء 19 مليار دولار سنوياً من المشتقّات وما تدّعيه وزارة النفط من أن رفع أسعار المشتقات في الداخل أوقف التهريب لأن التهريب لم يعد مجزياً قول غير صحيح لأن المهرب كان يدفع السعر المدعوم فبات لا يدفع مدعوماً أو غير مدعوم وإنما يدفع للسرّاق مبالغ تصل الى 250 ألف دولار أسبوعياً ليجني وارد أسبوعي مقداره خمسة ملايين دولار حسب التقرير الأمريكي معنى هذا : 5 مليون × 52 أسبوع × 5 سنوات × 64 موقع تهريب = 83.2 مليار دولار , وبلغت سرقات النفط الخام يومياً 500 ألف برميل حسب التقرير الأمريكي يعني : 500 ألف برميل × 300 يوم × 5 سنوات × 80 = 60 مليار دولار .. وقد قدّمت تقرير الى رئاسة مجلس النواب ورئاسة الوزراء أثناء رئاستي لهيئة النزاهة تضمّن أدوات الجريمة وهي صور لأدوات ثقب الأنابيب وصور لبحيرات النفط المسروق وصور الموانيء غير الرسمية (64 ميناء في حين لا تملك الحكومة غير مينائين هما أبو فلوس والعميق) وصور لبيوت المهرّبين ووسائط نقل النفط المهرّب وأسماء المهربين والمتواطئين معهم من حكوميين وأحزاب وقد نشرت وسائل الإعلام بأن السيد رئيس الوزراء وأثناء (صولة الفرسان) ناقش الأسماء مع مجلس محافظة البصرة والمسؤولين فيها وأكّدوا أنه لا يوجد إسم من بين الأسماء غير معروف في البصرة بأنه من كبار مهرّبي النفط ومع ذلك وبالرغم من أن الهدف المعلن لصولة الفرسان القضاء على الخارجين على القانون ومهربي النفط فإن شخص واحد من بين الأسماء (المسنّاوي) تم اعتقاله ولأسباب لا تتعلق بالتهريب ..
- وفي ضوء ذلك فإن الفيصل أمام مجلس النواب أن تعرض وزارة النفط العدادات الإلكترونية المقامة على آبار النفط وأنابيب النفط ومواقع التصدير ومواقع المصافي وقراءاتها مثلما تدّعي ومثلما يعتمد في الدول النفطية لكن وزارة النفط في حقيقة الأمر لا تملك عدادات إلكترونية على الآبار ولا على الأنابيب وإنما بضعة عدادات في بضعة مواقع للتصدير وفي حال لم تعرض العدادات وقراءاتها فإن مليون برميل نفط يومياً يسرق من الشعب العراقي وهو الفرق بين المعدل عام 2003 والمعلن من قبل وزارة النفط ويبلغ 1.5 مليار برميل خلال خمس سنوات بقيمة 120 مليار دولار يسرق بعضه من خلال ثقب الأنابيب والبعض الآخر في التصدير فيعلن عن أرقام تقل عن الفعلي وعلى وزارة النفط إبطال هذه النظرية بعرض العدادات المقامة على الآبار وقراءاتها على الشعب العراقي وبمعرفة مختصّين مستقلّين ..
• كلمة لابد منها ..
لقد خُذل الشعب العراقي بقسوة وواجه فقراءه ومعوزيه الفاقة والعوز والأمراض والأوبئة والحرمان من مقومات الحياة وسبل العيش ومصادر الرزق والخدمات في وقت لم تصرف الحكومة فيه الا 30% من أموال الشعب ولست سنوات , ومعظم ما صرفته كان لرواتبها هي ومصاريفها هي , ومجلس النواب منشغل في التصارع على السلطة والثروة وهو أمر لا يعدّ خطأً بل خطيئة وإن كان فقراء ومعوزي الشعب العراقي قد أنهكهم ما هم فيه ولا يقوون على مواجهة تلك الخطيئة فإنها مهمة جديرون بها الأحرار من عبودية المال والسلطة والمناصب من العراقيين وتستحق التضحية من أجلها ..

مع التقدير..

* رئيس هيئة النزاهة (سابقاً)

ليست هناك تعليقات: