الجمعة، 27 فبراير 2009

الميزانية وفساد السلطة ..تكرار الاخطاء

الميزانية وفساد السلطة تكرار الاخطاء

كتابات - اثيل الحلفي

ذهبت سكرة الانتخابات وصداها الذي أنسانا ولو لفترة قليلة الفساد الإداري المستشري في الدولة
الان بدات الامور وكأنها تعود لسابق عهدها فنفس الاخطاء المتكررة تعود وتلقي بظلالها على هذا الشعب المظلوم
ولم يسمع القائمون على السلطة دعوات المرجعيات والمصلحين في ضرورة مكافحة الفساد المالي الذي اصبح كالسرطان يهنش في صدر العراق
والان وفي هذه الايام يناقش اعزائنا ( بتحفظ )....البرلمانيون الميزانية المالية لعام 2009 أملين ان يتوصلوا الى توافق في ما بينهم للتصويت على الميزانية
ولكن المضحك المبكي في نفس الوقت هو انهم يكررون نفس الاخطاء السابقة والتي تؤدي الى خللين واضحين في مفاصل الدولة
الخلل الاول :: هو عدم محاسبة المقصرين وتضييع مقاييس الاداء المالي لدى الدولة وبالتالي يبقى سير الاداء المالي للعراق بيد نفس الاشخاص الذي يحملون نفس الاخطاء المتكررة
الخلل الثاني : ــ تغييب الحسابات الختامية والكثير من الملفات المهمة التي تخص الجوانب المالية وتقييم كفاءة الوزارات ووزرائها في أوجه الصرف وختاميات الحسابات المالية وبالتالي ضياع الفرصة الحقيقية للتصحيح في مفاصل الدولة
وحقيقية لا اعلم سبب تغاضي المتسيدين للسلطة الحالية عن هذا الجانب هل هو بسبب تسترهم في فساد مالي كبير يحيط بوزرائهم
ام هو تغاضي نتيجة سوء الادارة المالية لوزرائها
ام ماذا
هل هو تخريب وتضييع لميزانية العراق و اغراقه في بحر الديون والفساد
يا ترى إذن أين دور البرلمان في تصحيح مسارات الدولة
وهل سيظل غارقا في مسالة الصراع على كرسي عرش البرلمان المزخرف والمتسيد على اناس بعضهم قتلة ومجرمين امثال الدايني وغيره
متى سيصحون من غفلتهم
لقد لفت انتباهي وخلال الاعوام الماضية نتيجة مراقبتي للاداء البرلماني في مراحل التصويت على الميزانيات المالية للسنين الماضية دور احد الاحزاب الاسلامية الا وهو حزب الفضيلة الاسلامي
ورغم انه حزب حديث النشوء الا انه ينظر الى الامور بمنظار مصلحة الشعب اولا
ان الملاحظات التي طرحتها كتلة الفضيلة في البرلمان خلال السنين الماضية لو تم العمل بها فلربما نقلت العراق من خندق الفساد والضياع المالي الى مرحلة اخرى قد تقربه من عنق الزجاجة التي يرى بعدها نور النزاهة والاصلاح الاقتصادي
لكن هناك كما يبدو ايدي خفية ( ولعلنا نسميها خفية والا فهي واضحة للعيان ) تحاول ان تظل ممسكة بزمام المال العام لمصالحها الشخصية
والان نحن في بواكير عام 2009 والميزانية المالية تحت قبة البرلمان
لا يسعني الى ان انظر الى ما قدمته كتلة الفضيلة من ملاحظات
• الحسابات المالية لحد الان لم تقدم
حقيقة بودي ان اسال رئيس الوزراء لعله يسمع ندائي ...... ما دور وزارة المالية اذن وما دور ديوان الرقابة المالية ولماذا وزاراتك يا سيدى رئيس الوزراء لا تقدم حساباتها اتمنى ان يسمع ولو لمرة
• اين انت يا سيدي يا رئيس الوزراء من ال 23 مليار دينار التي خصصها بريمر لمنصب مستشار الامن القومي الذي يشغله السيد موفق الربيعي المعين من قبل الملك الامريكي السابق على العراق ( بريمر )
لماذا هو باق في منصبه وقد مرت اكثر من 5 سنوات اليس هذا المنصب تجاوز على صلاحيات كل من رئاسة الوزراء والوزارات الباقية
• لماذا يا سيدي رئيس الوزراء لم تتقدم كتلتك النيابية والتي هي اكبر الكتل على تقديم تشريع قانون لكل وزارة
حقيقة عدم تشريع هذا القانون هو سبب التشابك واللخبطة المالية التي تعانيها مفاصل الدولة في العراق
• 38 مليار دينار خصصت كتعويضات لموظفي مكتب القائد العام للقوات المسلحة
عجيب امرهم يتركون الناس يعانون من ازمات البطالة المستشرية في البلاد ويقومون بتعويضات لمن هم في بحبوحة الحياة وهل يوجد من هم اعز حالا ممن هو في مكتب القائد العام (( هذا المنصب يذكرني بالنظام السابق )) ومخصصاته اليس الاجدر ان تنقل هذه الاموال الى القطاع الزراعي والصناعي لتنشيطه
• اين هي يا سيدي ميزانية مجلس النواب و مجلس القضاء الاعلى لماذا لم توضح ام انها اموال تحت العباءة وشيك على بياض تكتبون الرقم الذي تريدوه
• نص مشروع قانون الموازنة على ان الوزارات والمحافظات يجب ان تقوم بصرف 25 % من تخصيصاتها خلال النصف الاول من العام وستقوم وزارة المالية بتحويل التخصيصات الى جهات اخرى في حال عدم الصرف .
يا اخوان حاسبوا اولا الوزراء على اداء عملهم الفاشل في العام الماضي اولا بعدها شرعوا قانونكم
من غير المعقول ان تذهب السنة المالية بدون محاسبة الوزراء على اوجه صرفهم للاموال والفعالية في ادائهم المالي
ونأتي الى طامة كبرى ذ الان بؤرة الفساد الاقتصادي العراقية الا وهي وزارة التجارة فلا وزريها يتم استجوابه واداء هذه الوزارة بشهادة المراقبين فاشل وغير مقنع وعمليات الفساد قد فاححت ريحتها حتى لدرجة انها ارتبطتت بالصين في فضيحة حليب الميلامين
ام وزارة العمل والشؤون الاجتماعية فلا عمل ولا شؤون
فشبكة العاية الاجتماعية اصبح عنكبوت الفساد فيها يمتص اموال العاطلين عن العمل والارامل
لا بد من المسالة
بل واعفائهم من مناصبهم فقد اخزونا بعملهم الضعيف
نحن نريد دولة قوية بمؤسساتها واوزارئها
فلا نريد مؤسسات يديرها اناس فاشلون بالاقتصاد
في الحقيقة هناك اناس عاملون حقا يريدون الخير للعراق واهله والذي قدم هذه الملاحظات الى البرلمان الموقر فهو قد ابرأ ذمته باتجاه الشعب العراقي
شكرا لكم من ساهم في تبيان هذه الملاحظات
دعوة للجميع لنشر كل ما يخص الميزانية وفضح المتلاعبين وتبيان الحقائق للشعب
حان الوقت لكي نرفع عصابة العين التي ربطوها حول اعيننا فما دام هناك من يهتم بمصلحتنا ويكشف حقائق الفساد فسيبقى صوت الحق واضحا

atheelatheel@yahoo.com

الأحد، 22 فبراير 2009

مكافحة الفساد


محمد عبدالجبار الشبوط
تاريخ النشر 22/02/2009 06:00 AM
تتطلب مكافحة الفساد في العراق اكثر من سنة، ولا يكفي ان تخصص لذلك سنة واحدة، فالامر يحتاج زمنا اكثر، بسبب عمق تغلغل الفساد واتساع انتشاره في مفاصل الدولة ومرافقها.ليس الفساد الذي تعاني منه الدولة العراقية وليد عامل واحد ولا نتاج فترة زمنية محدودة، انما هو حصيلة تفاعل عوامل عدة على مدى زمني طويل، ولذا تتطلب معالجته ومكافحته، اضافة الى المدى الزمني الاطول، منظومة متشابكة من العناصر التشريعية والقانونية والاقتصادية والثقافية. واذا كان الفساد منتشرا في مختلف مستويات الدولة، فان مكافحته تكون امضى اذا بدأت من المستويات العليا.يتمثل جوهر الفساد في استغلال الموقع الوظيفي العام (المدفوع الاجر والامتيازات) لتحقيق منافع خاصة، سواء على مستوى الاثراء ام الوظائف ام الخدمات والتفضيلات ام العقود والصفقات والفرص الاخرى، خارج اطار القانون، او بالاحتيال عليه.وبديهي ان المسؤول في الموقع الاعلى اكثر قدرة من غيره على استغلال موقعه لتحقيق هذه المنافع، من الموظف في الدرجات الدنيا في هيكلية الدولة. فللفساد درجات تتناظر مع مستوى الموقع الوظيفي. ولذا قيل ان درجة الفساد تكون بقدر قوة السلطة التي يتمتع بها الشخص. فما يستطيع ان يفعله موظف صغير لا يمكن ان يقاس بما يمكن ان يقوم به مسؤول كبير. الثاني يجلس على هرم يكتنز الكثير من الاموال والصلاحيات والقدرة على الانجاز.ولذا تكون معالجة الفساد في المستويات العليا للدولة بمثابة قطع رأس الافعى بدل من قطع ذيلها.وهذا يتطلب احاطة المواقع العليا بسلسلة من اجراءات الضبط والربط والمراقبة والتدقيق والموازنة او ما يسمى بـ checks and balances لتضييق فرص استغلال الموقع الوظيفي الحكومي من قبل من يشغله.كان الخليفة عمر بن الخطاب قد سن سابقة حين عمل بقانون «من أين لك هذا؟»، واليوم تطلب الحكومات الحريصة على مكافحة الفساد من المسؤولين الكبار كشف ذممهم المالية وذمم ابنائهم وزوجاتهم واقاربهم. كما تضع سلسلة قيود ومحددات تضيق من فرص المسؤول الكبير على تعيين ابنائه واخوانه واقربائه في وظائف الدولة بدون حق وبطريقة منحازة وغير عادلة. وتضع سلسلة أخرى من المحددات لطريقة ابرام العقود وارساء المناقصات التي تحول بين المسؤول عنها وبين بيعها الى من يحقق له هامشا من الربح على حسابها.توجد في العراق هيئات ومؤسسات عدة معنية بمكافحة الفساد. فهناك المجلس الاعلى لمكافحة الفساد المرتبط بالامانة العامة لمجلس الوزراء، هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية والمفتش العام فضلا عن لجنة النزاهة في مجلس النواب.ولا ينكر المراقب ان هذه الهيئات تقوم بجهود كثيرة، وبعض الجهود بعيداً عن دائرة التغطية الاعلامية، لكن الامور تقاس بخواتيمها كما يقال، وخواتيم قضية الفساد تبين ان العراق ما زال في اعلى قائمة الدولة الاكثر فسادا في العالم رغم مرور 6 اعوام على سقوط النظام الدكتاتوري الفاسد.مازال في امكان المراقب ان يرصد حالات اثراء غير مشروع، واستغلال للموقع الرسمي في بيع المناقصات والعقود والتفضيلات وخدمات الدولة، وما زال القُرب من المسؤول، حزبيا او مناطقيا او شخصيا او نسبيا، يمثل فرصة مثلى للتعيين وتولي المناصب والمواقع في الدولة وتحصيل الخدمات والتفضيلات، وما زالت الذمم المالية للمسؤولين الكبار (الى درجة مدير عام) بعيدة عن الكشف والمراقبة والفحص والتدقيق.

الاثنين، 16 فبراير 2009

كيف يتخلص العراق من صدارة العالم بالفساد؟


شبكة البصرة
د. عماد الدين الجبوري
دأبت منظمة الشفافية الدولية منذ عام 1995 بإصدار تقرير سنوي فيه مسح شامل عن الفساد لمجموع 180 دولة. وفي عام 2004 أشارت هذه المنظمة إلى انحدار العراق نحو مطاف الدول الفاسدة. ثم في عام 2005 حذرت المنظمة أيضاً من قرب ولوج العراق بدائرة الدول الأكثر فساداً في العالم. ولقد تحقق ذلك في عام 2006، وبعدها احتل العراق المرتبة الثالثة في عام 2007، ليصل إلى الصدارة بسرعة مرعبة في عام 2008. حيث أصبح العراق الآن أسوء وأردئ حتى من الصومال وأفغانستان ودول أخرى لا تمتلك من خيرات العراق شيئاً، مثل سيراليون وليبيريا وغيرها. وهذا كله ناتج عن سياسة النهب المنتظم والمكثف لثروات البلد من قبل المحتل الأمريكي من جهة. وحكوماته التي نصبها عنوة على رأس السلطة من جهة أخرى.
عموماً فأن التقرير الذي تعده منظمة الشفافية الدولية وهي غير حكومية ومقرها في برلين، يتم عبر نخبة من رجال الأعمال والخبراء والأكاديميين. كما وأن التقرير يرتبط بواقع الحال وفق الحقائق الملموسة والمعاشة عملياً، وما يتبعها من دراسة مسهبة نظرياً. ولهذا فأن تقاريرها تتسم بالدقة والموضوعية والحيادية.

الحرية والأمان صفران
يضع التقرير نسبة مئوية عن كل فقرة من فقراته التسعة، ثم يجمعها وفق نقاط ليحدد تقييم البلد بحسب حجم الفساد المستشري فيه. والعراق الذي يحتل المرتبة الأولى عالمياً بالفساد، فأن الجدول الذي يخصه جاء على الشكل التالي :
1- تكاليف المعيشة 100
2- الثقافة والترفيه 20
3- الاقتصاد 10
4- البيئة 32
5- الحرية 0
6- الصحة 20
7- البنية التحتية 15
8- الأمن والأمان 0
9- المناخ 38
مجموع النقاط 29

والملاحظ أن درجة الصفر قد تكررت تجاه الفقرتين الحرية والأمان. وهذا يكشف مدى الزيف والتضليل الذي يسلكه الاحتلال الأمريكي وأعوانه في بغداد على أن العراق يمتلك الحرية ويحرز تقدماً على المستوى الأمني. أن درجة الصفر في تقييم الحرية لدى العراق والعراقيين، تعني صفعة حادة تعود أصلاً إلى "قانون تحرير العراق" الذي أصدره مجلس النواب الأمريكي ليجيز به احتلال بلد بغية منحه الحرية!! كما وأنه يمثل حقيقة البؤس والرعب في السياسة التي اتبعها الرئيس العدواني جورج بوش بالتوافق مع الحكام المسخ في طهران وأذيالهم القادمين خلف الدبابات الأمريكية وفرق الموت الإيرانية.
أن التحسن الأمني الذي تشدق به الكذاب بوش وبقية أقطاب إدارته لاسيما زمرة المحافظين الجدد وعملائهم الإمعات المتلهفين على دفة الحكم لمصالحهم الشخصية والفئوية، قد فضحهم هذا التقرير وبيّن الحقيقة الجارية على أرض الواقع دون رتوش أو غش.

الاحتلال رأس الفساد
أن التقارير التي صدرت من منظمة الشفافية الدولية حول الفساد في العراق تشير إلى أن الاحتلال الأمريكي له الدور الرئيسي في عملية الفساد، وتبديد مليارات الدولارات من الأصول العراقية التي تم الاستيلاء عليها منذ الغزو عام 2003. ففي تقريرها لعام 2006 أشارت بوضوح إلى أن سياسة الولايات المتحدة قد بدأت بالفساد عندما منحت عقوداً من الاستثمار في العراق بشكل سري ومنحاز لبعض الشركات الكبرى. ولقد سبقها تقرير الهيئة الاستشارية الدولية للأمم المتحدة التي قدمت تقريرها في شهر كانون الثاني/يناير عام 2005 والذي تؤكد فيه على أن الولايات المتحدة أعطت عقوداً للاستثمار في مجال النفط لشركة هاليبرتون، وشركات أخرى بدون إجراء مناقصات.
ويكفي أن نذكر هنا إلى أن إدارة البيت الأبيض كانت تضم نحو 100 موظف كانوا يعملون في مجال النفط، على رأسهم الرئيس جورج بوش ونائبه ديك تشيني. حيث عمل بوش بقطاع الأعمال وأسس وترأس شركة بوش للتنقيب عن النفط والغاز لمدة 11 عاما، مما جعله أن يكسب خبرة واتصالات واسعة في هذا المضمار. أما تشيني فقد شغل منصب رئيس مجلس إدارة والرئيس التنفيذي لشركة هاليبرتون للخدمات النفطية ما بين (1995-2000).
وفي حديث للعضو السابق في مجلس الحكم محمد صالح بحر العلوم أدلى به إلى صحيفة القدس العربي والمنشور بتاريخ 14/7/2007 قال فيه: إن السرقات تمت من خلال مسؤولين أمريكيين تولوا مناصب رسمية في العراق بعد احتلال بغداد، مؤكدًا أن السفير بول بريمر الذي انتهت ولايته بعد تسليم السلطة للعراقيين في 30 حزيران/يونيو 2006 قام بسرقة أكثر من 250 مليار دولار من أموال العراق ممثلة بأرصدة نقدية وكميات كبيرة من الزئبق وغيرها من الموجودات.
علماً أن بحر العلوم أحد الذين ساعدوا في إرساء العملية السياسية وفق المعايير الأمريكية، وشاركوا بمنح الاحتلال غطاءً شرعياً. فما يقوله لا يتعلق بالحرص الوطني على كشف السرقات، بقدر ما يتعلق بالحصة من ثروات البلاد. بدليل أن أبنه إبراهيم بحر العلوم كان وزيراً للنفط في عهد ولاية بريمر. وان وزارته رفضت وضع العدادات على محطات ضخ النفط لضبط حسابات مبيعات براميل النفط!
هذا وصدر تقرير تحت عنوان "الدرس الصعب: تجربة إعادة بناء العراق"، أعده المفتش العام الخاص لإعادة أعمار العراق، المحامي الأمريكي ستيوارت بوين جنيور، ويقع في 513 صفحة يعرض فيه أكثر من 500 مقابلة وما يزيد عن 600 عملية تدقيق جمعها بوين خلال أعوام. وجاء في التقرير: أن سوء التخطيط والإهمال والفساد تسبب في إفساد برامج إعادة اعمار العراق، وإهدار مليارات الدولارات. وكذلك بالنسبة إلى المشاريع التمهيدية الضخمة لإعادة بناء العراق حيث تميزت بالإهدار والإخفاقات الناجمة عن التخطيط الأعمى والمفكك. وتناول التقرير 35 شخصاً بتهم سوء الإدارة في البرنامج الأمريكي لإعادة اعمار العراق، إلى جانب 154 تحقيقاً مفتوحاً في مزاعم رشاوي وتضارب مصالح وتقديم أدوات معطوبة والتلاعب بالمناقصات. حيث دفعت مؤسسات ووكالات حكومية أمريكية أكثر من 110 مليار دولار على شكل عقود ومقاولات لشركات تابعة للقطاع الخاص. وأن جزء من هذه الأموال المخصصة للمشاريع وزعت بين زعماء عشائر وسياسيين عراقيين.
وكشفت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في تقرير أعدته بعد عمليات تدقيق ومراجعة للحسابات عن أن مبالغ مالية تفوق 8 مليارات دولار تم صرفها للمتعاقدين الأمريكيين والعراقيين دون الالتزام بالقوانين الاتحادية الواجبة والمتعلقة بمحاربة الفساد. ومن جملة ما أشار إليه التقرير، أن شركة أمريكية حصلت على 11 مليون دولار دونما أن يكون هناك أي سجل بالمواد والخدمات التي وفرتها في المقابل. وكذلك تم صرف مبلغ قدره 320 مليون دولار بالعملة العراقية لموظف عراقي في شكل راتب شهري.

حكومات الاحتلال الفاسدة
إذا كان الاحتلال الأمريكي رأس الفساد في العراق، فأن هيكلية النظام السياسي الجديد الذي يسعى إلى تثبيته سيكون صورة معكوسة له. وهكذا لم تتوانى حكومات الاحتلال المتعاقبة في بغداد بالتهافت على سرقة ونهب المال العام بشكل منتظم وفق عقود أو مناقصات أو مشاريع جلها وهمية أو رديئة لا تستحق المبالغ الضخمة. ولقد انتقل هذا الفساد من مسؤولي السلطة إلى قواعد الدولة. حيث انتشار الرشاوي والاختلاسات والتهريب وغيرها من الفساد الإداري والمالي المستفحل في الدوائر والمؤسسات الرسمية.
وفي تقرير أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان للعام 2008 نصت فيه بشكل واضح وصريح على أن "الحكومة العراقية يغمرها قدر واسع من الفساد وبمختلف الاتجاهات". وتوصل التقرير إلى استنتاج مفاده أن "انتشاراً واسعاً للفساد والجريمة المنظمة القابعة في ثقافة الإفلات من العقوبة".
وفي رسالة بتاريخ 20-5-2008 وجهها كل من بايرون دروغان وشيلدون وايتهاوس من مجلس الشيوخ الأمريكي إلى وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية ستيوارت ليفي، عبرا عن مدى الفساد الحاصل في الحكومة العراقية بأنه "صاعق". وأوردت الرسالة مضمون شهادة أدلى بها المسؤول السابق بوزارة الخارجية آرثر بريتان أمام لجنة بمجلس الشيوخ مؤخراً، أفاد فيها بأن المفتش العام لوزارة الصحة العراقية سرب ما قيمته مليار دولار من الإمدادات الطبية إلى السوق السوداء وأدخل الأرباح في جيبه.
في الواقع أن إدارة بوش عندما أسست البنية السياسية في دولة العراق الجديد، فأنها أنشأت مكتباً مركزياً يتولى تنظيم وترتيب وإدارة جميع العقود الرسمية. إلا أن حكومة المالكي ألغت هذه المركزية وأحلت بدلها عشرات الوكالات المتعاقدة دون محاسبة حقيقية ولا مراقبة فعلية، مما زاد من استشراء الفساد على نحو سريع ومتفاقم.
ورغم أن مجلس الحكم أقر تأسيس "هيئة النزاهة العامة" في 28-1-2004، والمفترض بها أن تكون لجنة مستقلة مخصصة لتطبيق قوانين محاربة الفساد ومعايير الخدمة العامة. فأن رئيس لجنة النزاهة السابق القاضي راضي حمزة الراضي كشف عن أمور كثيرة، منها أن الولايات المتحدة طالبت من النظام العراقي تطبيق معاهدة الأمم المتحدة الخاصة بمكافحة الفساد. إلا أن رئيس الحكومة المالكي اعترض على ذلك. وبالمقابل عمل بشكل مخيف لإحراج موقف التحقيقات التي جرت ضد الفساد. كما وأصدر المالكي أمراً سرياً يمنع بموجبه التحقيق مع رئيس الوزراء أو أي من عناصر حكومته دون موافقة مسبقة منه. فإذا كشف الراضي أن المالكي مارس الفساد، فعليه أن يحصل على موافقة المالكي نفسه لإجراء التحقيق معه!!
ومما تطرق إليه الراضي أيضاً إلى أن: ثمانية وزراء من الحكومات المختلفة التي تعاقبت في العراق بعد الغزو، أحيلوا للقضاء بتهمة الفساد، "ولكن المحاكمات لم تتم لأن أكثرهم هرب إلى خارج البلاد وبعضهم يتمتع الآن بحصانة برلمانية لم يتم رفعها عنه بعد". من بينهم حازم الشعلان وزير الدفاع في حكومة أياد علاوي. حيث تم اتهامه "بإهدار 1.3 مليار دولار من المال العام" مع 72 مسؤولاً من تلك الحكومة.
وبذا فأن مختلف الوزارات العراقية منعت عناصر التحقيق في ممارسات الفساد بالدخول إلى وزاراتها. كما ورفض الوزراء تقديم جرد حسابي عن دخولهم السنوية. بل تم تصفية أكثر من 30 محققاً تابعاً لهيئة النزاهة، واغتيال أكثر من 50 قاضياً ممن أصدوا أحكاماً في قضايا فساد أو إرهاب. مما اضطر الراضي حسب قوله للهروب من العراق إلى الولايات المتحدة بعد تسلمه تهديدات بالقتل. مع أنه أحد المندفعين للعملية السياسية الجارية تحت حراب المحتل.
أن ما صرح به توم كيسي المتحدث بأسم وزارة الخارجية الأمريكية في أوائل شهر حزيران/يونيو عام 2008 في إطار ملاحظات عامة قائلاً: "نحن هنا معنيون جداً بشأن الفساد في العراق". إلا أن الحقيقة كما عبر عنها بعض المسؤولين في وزارة الخارجية في ما يسمونه "واقع العميل". وهو نظام معروف في الخارجية، حيث تتطلب الظروف السياسية بإخفاء سرقات هذا العميل والتغطية عليها لدرجة تصل إلى ارتكاب الجريمة.
ولذلك فأن ما قاله بعض المسؤولين الأمريكيين: أن العاملين في الحكومة العراقية بدءً من رئيسها ولغاية قواعدها اختلسوا، ليس فقط مليارات الدولارات من الأموال العراقية لحساباتهم الشخصية، بل كذلك حتى المساعدات الأمريكية البالغة 18 مليار دولار. فأن التستر هنا لا يتم إلا على "العميل" من العيار الثقيل الذي توجب ظروفه السياسية أن تحميه وزارة الخارجية الأمريكية وتغطي على كافة سرقاته، والتي هي مودعة في المصارف الأمريكية أصلاً. كما كان الأمر مع شاه إيران محمد رضا بهلوي (1941-1979)، ورئيس الفلبين فرديناند ماركوس (1966-1986).

عمق التردي
يقترب الاحتلال الأمريكي من الدخول في سنته السابعة ومع تعاقب حكوماته المتنوعة تحول الشعب العراقي فيها إلى مجتمع يعاني الفقر والمرض والعوز والحرمان والتخلف من ناحية. وتسوده جرائم القتل والسطو والاختطاف والسرقة وغيرها من ناحية أخرى. علاوة على أن غالبية المجتمع صار يتكون من الأرامل والأيتام والمهجرين: نحو مليون ونصف المليون أرملة، وقرابة تسعة ملايين يتيم. وأكثر من ستة ملايين مهجرين داخل وخارج العراق. وبالتالي فأن العراقيين بشكل عام فقدوا الاحساس بالأمن والشعور بالراحة والأمان.
وكشف تقرير المنسق العام للمنظمة الدولية في العراق عام 2007 عن زيادة أعداد الأرامل اللواتي يقمن بإعالة أسرهن، إذ لم تتمكن وزارة الشؤون الاجتماعية من توفير إحصاء كامل لهؤلاء النسوة التي بلغت لحد الآن 565 ألف امرأة أرملة معيلة.
وكذلك في دراسة تحت عنوان "خارطة الحرمان ومستوى المعيشة في العراق" أعدها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع وزارة التخطيط والإنماء العراقية، والتي نشرت نتائجها في العاصمة الأردنية عمان في شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 2007 عن واقع مستوى المعيشة للعائلة العراقية في الوقت الحاضر. حيث أشارت الدراسة إلى أن مستوى المعيشة منخفض في ميدان التعليم بنسبة 31.8% وفي مجال الصحة 22.7% والبنى التحتية الضرورية للعائلة بنسبة 58.2% والسكن 20.1% والوضع الاقتصادي بنسبة 55.1% بينما بلغ انخفاض مستوى المعيشة للعوائل نسبة 31.2%. وقطعاً أن هذه النسب قد ارتفعت فيما لو أجريت دراسة جديدة أخرى. إلا أن المهم في هذه الدراسة ليست النسب فقط، بل النتيجة التي توصلت لها في: اتهام السياسات المتبعة في العراق والتي تسعى إلى تحويل الاقتصاد العراقي إلى سوق حرة، بأنها وراء تفاقم الأوضاع المعيشية. إذ من المعلوم أن السوق الحرة تعني رفع الدعم الحكومي للسلع الأساسية والضرورية، وتفكيك أجهزة الدولة لصالح القطاع الخاص.
وقال حينها باولو ليمبو مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق، أن "العراق الذي أنعم الله عليه بكميات كبيرة من الموارد الطبيعية وأفضل نوعية من الموارد البشرية، أدت أيدي البشر إلى انهياره". وأضاف أن "ما يحصل الآن في العراق هو مأساة من صنع الإنسان".
أن تردي وتدهور الأوضاع في العراق قد تناولته عدة مؤسسات ومنظمات دولية رسمية أو أهلية. بينها منظمة الصليب الأحمر الدولية التي صرحت متحدثتها دوماني في بيان صحفي من مقرها في عَمان مشيرة فيه إلى أمور كثيرة منها: "أن الخدمات الأساسية في العراق من صحة وماء وكهرباء تعاني من نقص خطير في الموارد البشرية والمستلزمات وأن المستشفيات غير قادرة على التعامل مع العدد الكبير من الجرحى، إضافة إلى أن الكثير من الأطباء والممرضين تركوا المهنة بسبب الخوف".
وفي تاريخ 18-12-2008 نشرت صحيفة نيويورك تايمز تحقيقاً واسعاً عن الفساد المستفحل في العراق، قالت فيه: أن العراق يغرق في الفساد والرشوة لدرجة أن العراقيين يستغلون كل شيء تملكه أو تبيعه أو تشتريه الحكومة العراقية المركزية. وأشارت إلى أن أدوية السرطان التي توفرها وزارة الصحة العراقية تباع بحوالي 80 دولاراً في الصيدليات. وكذلك تباع عدادات الكهرباء التي توفرها وزارة الطاقة العراقية بمبلغ 200 دولاراً. وحتى الكُتب المدرسية للصفوف الابتدائية التي توفرها وزارة التربية العراقية، تباع في المكتبات بثلاثة أضعاف ما كانت تتقاضاه الحكومة.
والطامة الأخرى التي لحقت بالمجتمع العراقي لتزيد من مصائبه في تردي أوضاعه هي انتشار المخدرات. فبعد أن كان العراق خالياً تماماً من المخدرات وباعتراف أممي، أصبح بسبب الاحتلال والفوضى والفساد مرتعاً لها. وحسب البيان الصادر عن جمعية الإصلاح لمكافحة المخدرات في العراق، بأن أعداد الذين يتعاطون المخدرات في ازدياد مستمر. كما وان العراق صار سوقاً للمخدرات سواء ما يصرف منها داخلياً أو ما يمر عبر أراضيه إلى دول الجوار.
ووفقاً للتقرير العاجل الذي أعده ليون بانيتا المسؤول الجديد لوكالة المخابرات الأمريكية وقدمه إلى الرئيس باراك أوباما مطلع هذا الشهر شباط/فبراير 2009، ذكر فيه تورط الوكالة في نقل المخدرات بالتعاون مع عصابات إنتاج وتهريب المخدرات من كولومبيا ودول أخرى في أمريكا اللاتينية إلى الولايات المتحدة. ونفس الأمر بالنسبة إلى زعماء العصابات في أفغانستان وزعماء قبائل في زراعة الحشيش ونقلها بطائرات خاصة بالوكالة إلى دول بالمنطقة من بينها خليجية. ونص التقرير أيضاً على أن زراعة الحشيش قد تضاعفت خمس مرات في أفغانستان خلال الاحتلال الأمريكي. وأن الحكومة الأفغانية تعلم بذلك لكنها تخشى بطش الوكالة.

المقاومة هي الخلاص
بعدما جرب المحتل الأمريكي وأعوانه كل أنواع الخداع والتضليل باستخدام مبادئ الحرية والديمقراطية والرفاه الذي سينعم فيه الشعب العراقي. وبعد أن أفشل العراقيون جميع المخططات الصهيونية الأمريكية الصفوية الهادفة إلى تمزيق النسيج الاجتماعي عبر إشعال نار الفتنة الطائفية. فأن العراقيين الأصلاء يدركون بحكم وعيهم التاريخي وعمقهم الحضاري، أن الغازي المحتل ومؤججي الحرب الطائفية هم من خارج الدار. وان رجال المقاومة البواسل هم من أهل الدار. وهكذا كان ومازال الأحرار من العراقيين الوطنيين سنداً داعماً للمقاومة المسلحة من جهة. وتمسكهم الثابت في مناهضة الاحتلال من خلال قواهم المدنية من جهة أخرى.
ومثلما أستطاع المجتمع العراقي أن يجابه ويتغلب على أعظم هجمة داخلية في تاريخه الحديث والتي اشتدت أوارها بين عامي 2006-2007 مشحونة بكل سموم الصفوية الصفراء. فأن رجال المقاومة المخلصين تمكنوا أيضاً من الصمود تجاه الاختراقات والانشقاقات التي أحدثها المحتل الأمريكي عبر جواسيسه ومجالس الصحوات وشراء ضعيفي النفوس وغير ذلك. كما واستمرت المقاومة على أرض الواقع في تحقيق إنجازاتها الميدانية والإعلامية بشكل متصاعد، يعكس قوة الإيمان في الثبات والتحدي. وهذا الصمود المقاوماتي الفذ هو الذي كسر شوكت الجيش الأمريكي، وهو الذي أنهك قواه المعنوية وطمس كبريائه المتعجرفة بوحل العراق.
أن المقاومة الوطنية هي الطريق الوحيد لخلاص العراق من كل ما علق به من أدران الأمريكان والصفويين وخدامهم من العراقيين المنبطحين. وبعونه الله تعالى ذهب الكثير وبقي القليل. وما سيصدر من الرئيس الأمريكي باراك أوباما حول سحب قواته من العراق في غضون 16 أو 19 أو 23 شهراً. فإنها في كل الأحوال دلالة أخرى تبرهن لكل متابع وباحث ومحلل أن المقاومة العراقية سائرة على بركة الله في تحرير البلاد والعباد، وأن المحتل سائر نحو الزوال كما أثبتت حقائق التاريخ.
أما الذين يرجون خيراً من خلال مشاركتهم بالعملية السياسية بغية تغير الأوضاع نحو الأحسن. فعليهم أن يأخذوا بالنتائج من ناحية. وحقيقة ما يمكن تغيره من ناحية أخرى. بمعنى أن النتائج بخطوطها الدستورية والسياسية والاستراتيجية هي مرسومة ومحسومة لصالح المحتل وأذنابه من الدائرة الضيقة، ولا يمكن تجاوزها بأي شكل من الأشكال. لأنها مصيرية الوجود لبساطيل المحتل وللشرائط السوداء الملتفة حوله من الأعوان. إذن فالتغير المسموح به يكون وفق حيز فاعليته صورية محدودة تعكس شيئاً عن مفاهيم الحرية والديمقراطية. بيد أنها لا تؤثر بهيكلية تلك النتائج التي صاغها المحتل وقدمها كنظام ثابت يتبعه كل المشاركين بالعملية السياسية. أي أن المشارك السياسي هنا كاللاعب الرياضي يخضع لشروط وقوانين اللعبة، لكنه يتحرك ويناور ويتفاعل وفقاً لقواعد اللعبة لا أكثر. وبما أن المقاومة العراقية تقف بالمرصاد للعدو المحتل ولكل أعوانه وأذنابه، إذن فأن الخلاص من العملية السياسية برمتها لا تتم إلا عبر صناديد المقاومة. وكل مَن يختار طريقاً أخراً ولو بحسن نية، فعلية أن يفكر ملياً قبل الغوص في قواعد لعبة تجرفه بعيداً ولا مخرج له منها، إلا بالعودة في صفوف المقاومة أو القوى المناهضة للاحتلال أو التوبة وذلك أضعف الإيمان. أن حقيقة الخلاص للعراق من صدارة العالم بالفساد لا تتم عبر ترميمات سياسية أو انتخابات يشوبها التزوير في كل مرة، وإنما من خلال المقاومة والمقاومة وحدها

الأحد، 15 فبراير 2009

من أجل حملة وطنية لتقليل رواتب وإمتيازات المسئولين العراقيين



كتابات - باسم محمد حبيب

من المعلوم أن الامتيازات التي حصل عليها المسئولين العراقيون من جراء مشاركتهم في العملية السياسية كانت كبيرة بما جعلها موضع تساؤل ونقاش من أوساط مختلفة حيث اتسمت هذه الرواتب والامتيازات بانها :
(1) كانت الأعلى مقارنة برواتب المسئولين في بلدان أخرى بل يمكن القول أن راتب المسئول العراقي بغض النظر عن العنوان أعلى من راتب نظيره في أي بلد في العالم باستثناء الولايات المتحدة و بعض البلدان القليلة الأخرى ويكفي أن نشير في هذا الصدد إلى أن راتب عضو مجلس النواب العراقي اوراتب الوزير في الحكومة العراقية أعلى من راتب الرئيس الروسي ويقارب راتب الرئيس الفرنسي ساركوزي بالرغم من الفرق الهائل في الموارد والإمكانيات بين العراق وهذين البلديين .
( 2) اعلى من رواتب اعضاء الحكومة العراقية في فترات عديدة فراتب رئيس الوزراء العراقي في الاعوام 1958- 1963 لم يكن ليزيد كثيرا على راتب موظف الدرجة الاولى في الدولة العراقية وكانت بحدود (25) دينارا اما راتب رئيس الجمهورية في الفترة التي حكم فيها عبد السلام عارف فلم يكن ليزيد عن ( 250) حسب مامدون في الدستور انذاك وهو راتب يقارب راتب الموظفين من اصحاب الدرجة الاولى .
( 3) لاتتلائم مع الظروف التي يعيشها البلد لاسيما بوجود نسب كبيرة من العاطلين واصحاب الدخل المحدود وليس من المنصف ان يتمتع المسؤول بالرخاء والحياة الرغيدة والناس يعانون من الجوع لان هذا لا يتناقض مع المنطق الديمقراطي الذي ينطلق من معايير العدالة والمساواة فقط بل و حتى مع الشعارات الاسلامية للبعض .
(4) أما المفارقة الكبرى في هذه القضية فهي في أن المسئول العراقي هو الذي يحدد راتبه بنفسه وهو أمر أشار إليه رئيس هيئة النزاهة القاضي رحيم العكيلي في إحدى تصريحاته الصحفية الأخيرة وهذا ما لم يحصل في اغلب بلدان العالم لان تحديد الراتب دائما ما يخضع لمعايير علمية ومعطيات مادية صارمة ما يجعله رهن بإجراءات عديدة ولايتم إلا من خلال سلطة لها صفة الحياد وهو أمر قد لايتوفر إلى للسلطة القضائية التي يحق لها لوحدها تحديد جدول عام للرواتب بحيث يكون شاملا وعادلا في ذات الوقت فمن الناحية المنطقية لايمكن للوزير أو عضو مجلس النواب أو حتى غيره من موظفي الدولة الكبار تحديد راتبه بنفسه وذلك لسببين رئيسيين الأول حتى يجنب المسئول الإحراج وثانيا حتى يتم تلافي الوقوع في فخ العامل الذاتي سواء جاء هذا العامل لمصلحة الزيادة أو النقصان سيما بوجود صفة نكران الذات لدى البعض .
ولذلك ومن اجل رواتب وامتيازات عادلة ومن اجل دفع الإحراج والتوافق مع إمكانيات الدولة العراقية نطالب بوقف صرف هذه الرواتب والامتيازات العالية وإعادة ما صرف منها إلى خزينة الدولة وان يتم استبدالها برواتب معتدلة تتطابق مع رواتب موظفي الدولة الآخرين أو يتم جعل خدمة المسئول صاحب الراتب الوظيفي مجانية مع حسبان الصرفيات المقطوعة والتي يتم تحديدها من قبل لجان خاصة وحسب معايير صارمة و بالتالي نحن نضع هذه المطالبة الشعبية أمام المحكمة الاتحادية العراقية من اجل النظر فيها على وفق اختصاص المحكمة والعمل على وضع رواتب وامتيازات معتدلة تتناسب مع ظروف الواقع العراقي والمعايير العلمية والقانونية السليمة . من هذا المنطلق ادعوا كل من يسمع هذا الصوت إلى تأييده والمساهمة في نشره خدمة للصالح العام مع الشكر .

الجمعة، 13 فبراير 2009

المليارات الضائعة

عاطف العزي
لا أتحدث هنا عن الفساد فى العراق، فقد شبعنا من هذا الحديث لحد التخمة، ولكنى سأتحدث عن المليارات التى ضاعت
والتى ستضيع اذا لم تلتفت الحكومة وتضع حدا لتبذير الأموال فى استيراد بضائع فاسدة وايادي عاملة مشلولة من وراء الحدود.

قرأت حديثا خبرا عن استيراد الحكومة العراقية لبعض التجهيزات العسكرية الرديئة الصنع من دول العالم الثالث، وكان فى الامكان استيراد نفس المواد من الدول المتقدمة بنفس الأسعارأو أكثر بقليل من التى دفعتها للمجهزين من دول العالم الثالث. وذكرالخبر مثلا لذلك استيراد مركبات (همر) العسكرية الأمريكية الأصل ولكنها مصنعة فى مصر، بينما مثيلاتها المصنعة فى أمريكا أرخص وأجود وأكثر أمانا للجنود الذين يستعملونها. وقبل ذلك استوردت الدولة طائرات سمتية غير صالحة من بولونيا، على ما أذكر، وأهدرت ملايين الدولارات.

أنا لا أعرف كثيرا عن تلك المركبات والطائرات ولا عن أسعارها، ولكن المقالة ذكرتنى بحرب عام 1948 بين جيوش ست دول عربية وجيش اسرائيلي صغير ولكنه مجهز بأحدث الأسلحة وجنوده دربوا أحسن تدريب، فانهزمت جيوش (الأصفار الستة) كما سماها الغربيون فى وقتها. وللهزيمة تلك أسباب كثيرة لا مجال لتفصيلها هنا، ولكنى واثق كل الثقة من أن رداءة الأسلحة التى تسلحت بها الجيوش العربية كانت من أهم أسباب الهزيمة. والذين عاشوا تلك الأحداث المأساوية لا بد أنهم يتذكرون الأسلحة الفاسدة التى استوردتها مصر لجيشها على عهد الملك فاروق. وفى العراق أيضا نفذ حكم الاعدام بالتاجر اليهودي العراقي (عدس) الذى أدانته المحكمة بتهمة شراء أسلحة فاسدة لوزارة الدفاع العراقية فى نهاية الأربعينات أو بداية الخمسينات على ما أذكر.

من خبرتى العملية الطويلة فى التجارة، فان الاستيراد وخاصة استيراد الأسلحة يجب أن يتم من قبل وزارة الدفاع فقط وبعد استشارة جهات وأشخاص كفوئين وطنيين نزيهين، وبعكسه تخسرالدولة ليس الأموال فقط بل الأرواح أيضا وهي الأهم طبعا. ويجب أن تستورد من المناشىء والمصانع المعروفة عالميا، فانه لا يمكن أن نشترى شيئا مصنوعا فى الصومال مثلا لأنه أرخص من مثيله فى ألمانيا أو فرنسا أو بريطانيا او الولايات المتحدة، او لأن تلك الدولة عربية أو مسلمة.

بعد سقوط الحكم الملكي، استوردت الدولة بدالة تلفونية من الاتحاد السوفييتي ونصبت بالقرب من ساحة النهضة فى بغداد الشرقية، وبعد تشغيلها اكتشف الناس انه عندما تتكاثف الغيوم فى سماء بغداد، تبدا التلفونات بالحشرجة، وتسكت سكوت الأموات بعد هطول المطر. واستوردنا حينذاك أيضا سيارات سوفييتية أرهقت شرطة المرور الذين كانوا فى أكثر الأحيان يضطرون الى دفعها عندما تتوقف فجأة فى الشوارع مزدحمة. واستوردت مديرية اسالة الماء مكائن لحفر خناق لأنابيب المياه، تعطلت بعد اسبوع من استعمالها. وقد ذكر لى مدير الاسالة العام فى وقتها بأنه يخشى أن يتقدم بشكوى على الشركة الروسية التى صدرتها الى العراق فتحصل له مشاكل بسبب سيطرة الشيوعيين على الأوضاع آنذاك !.

أما عن استيراد الأيدي العاملة، فهذه مسألة لا تقل أهمية عن استيراد البضائع والمكائن والمعدات، اذ يجب أن تكون هناك ضوابط محددة مدروسة من جميع الجهات المختصة فبل السماح بدخولها الى العراق. ان الأيدي العاطلة العراقية كثيرة جدا حاليا، وتحتاج الى التدريب باشراف خبراء ومعلمين اختصاصيين. وأن تمنح الدولة للمتدربين اثناء تدريبهم نصف الراتب المخصص للمتخرجين عندما يتم تخرجهم تشجيعا لهم على الاستمرار فى التدرب.

ولا ريب اننا سنحتاج الى ايدى عاملة أجنبية، ولكن لا يجب أن نكرر ما فعله البعثيون حينما جلبوا للعراق ملايين المصريين على أساس أنهم عمال او فلاحين، ولكن أكثرهم فى الواقع اشتغلوا بالبيع والشراء، وأول شيء كانوا يفعلونه هو شراء الكهربائيات من السوق الحرة بالعملة الأجنبية المخصصة لكل قادم الى العراق، وباعوها على الأرصفة فى شارع الرشيد والشورجة، فزاحموا بذلك العراقيين الذين يدفعون بدلات ايجار كبيرة الى ملاكي الدكاكين.

أخبرنى أحد أصدقائي وهو من الأطباء المعروفين قائلا أن الأطباء بدأوا يكتشفون اصابات بمرض البلهارزيا (البول الدموي)، ظهرت بعد وصول الفلاحين المصريين الى العراق، بعد أن كان قد قضي على هذا المرض الخبيث فى العراق واختفى منذ ما لايقل عن ثلاثة عقود من الزمن. ووجدوا أن الفلاحين المصريين يتبولون فى ترع المياه والأنهار، فتنتقل بيوض المرض الى الفلاحين العراقيين. لعل عشاق المطرب عبد الحليم حافظ يتذكرون أنه مات بهذا المرض الذى كان (وربما لا يزال) يفتك بآلاف المصريين كل عام.

كان البعثيون قد فتحوا العراق لكل من هب ودب، وكان العرب يدخلون الى العراق بدون تأشيرة، ولم تفرض أية شروط صحية على الداخلين لغرض الاقامة والعمل. وفى فترة متأخرة من حكمهم فرضوا على القادمين فحص الدم للتأكد من عدم اصابتهم بمرض (الأيدز)، فكان أكثر القادمين يدفعون الرشاوى على الحدود فيعفون من الفحص. أما من لا يدفع الرشوة، فان عينة من دمه ترسل الى المختبرات فى بغداد، وبعد وصول القادم الى بغداد بأسبوعين أو ثلاثة قد يحصل على شهادة سلامته من (الأيدز)، ولكنه ان كان مصابا به ولم (يتعفف) فى تلك الفترة من الانتظاريمكن تصور الكارثة التى يجلبها على العراقيين الذين يتصل بهم.

ولقد تعددت المرات التى استورد فيها العراق أدوية منتهية المفعول، وأغذية فاسدة، وحنطة ملوثة ببرادة الحديد. ان مراقبة الأغذية والأدوية المستوردة من قبل القطاعين الخاص والعام يجب أن تتم بكل دقة وعناية، ومعاقبة المفسدين بأشد العقوبات. ويمكننا الاستعانة بالألمان فى هذا المجال، فهم يضعون أقسى الشروط على السماح لدخول الأغذية المستوردة الى بلادهم.

وذكرت الصحف مؤخرا بأن الحكومة العراقية عازمة على جلب خبراء من مصرللمساعدة فى اعادة اعمار العراق !!، ولاأدري لماذا لا يجلبون خبراء من الصومال وأريتيريا أيضا؟! لم يسمع أحد بأن مصر تملك خبراء بالاعمار والا لماذا تجد البطالة متفشية فيها، وعمارات تتداعى من وقت لآخر، وشوارع القاهرة خاصة المزدحمة بفضاعة ولا يتمكنون من معالجتها أو معالجة الكثير من المشاكل التى تواجه المواطن المصري.
ولا يملك المرء الا أن يتساءل هل أن الفقير يطلب المشورة من فقيرمثله ليرشده الى طريق الغنى ؟ أو الأصلع يطلب دواء لصلعته من طبيب أصلع مثله ؟

وقرأت فى هذه الأيام أيضا بأن الحكومة العراقية تفاوض الحكومة الفلبينية للسماح لليد العاملةالفيلبينة بالعمل فى العراق. لم يشتهر من الفيليبينيين الذين يعملون خارج بلادهم سوى الممرضات، فهم من أشهر وأمهر الممرضات فى العالم، وحالما تتخرج الممرضة الفيلبينية فى مدارس التمريض حتى تسعى للحصول على تأشيرة الدخول الى الدول الغنية التى تتسابق على استقدامهن، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكندا والسعودية والامارات .

ان استقدام الأجانب واستيراد المصنوعات والأجهزة والمعدات والمنتوجات الأجنبية على اختلاف أنواعها يكلف العراق المليارات من الدولارات سنويا، والعراق فى الوضع الاقتصادي العالمي المتدهورالحالي بحاجة الى كل دينار ودولار لاعادة اعماره وتلبية متطلبات شعبه ليحيا حياة حرة كريمة.

الأحد، 8 فبراير 2009

تعدد الجهات الرقابية فحل الفساد


كتابات - حسين الساعدي

ان المتتبع لعمل دوائر الدوله في العراق ما بعد صدام ليجد ان الفساد الاداري صار اكبر مما كان بل تضاعف بشكل مخيف مع وجود اجهزه رقابيه لاتعد ولا تحصى فمثلا هناك اقسام التدقيق في كل دائره تؤدي واجبا رقابيه وهناك مكاتب المفتش العام في كل محافظه ووزاره وايضا هيئة النزاهه بالاضافه الى السلطات المحليه ومجلس المحافظه وهيئة الامن الوطني هذه الجهات مجتمعه تعمل بانفراد دون تنسيق
المهم ان كل هذه الاجهزه تراقب الموظف في سلوكه ومع ذلك فالفساد اكبر مما كان والرشاوى والهدر بالمال العام اكبر فما هو السبب؟
ومن خلال تجربتي الشخصيه ارى ان هذه الاجهزه نفسها ليست جزءا من الحل بقدرما هي جزء من المشكله لاسباب عده فمثلا ان هناك العديد من موظفي هذه الهيئات اصلا لا يتمتعون بالنزاهه التي تؤهلم للعمل في هذه الدوائر الرقابيه مما يجعل وجودهم فيها باب مفتوح للتعامل غير الشرعي ويحصل الموظف احيانا على ضمانات بعدم المسائله بمجرد ان يرتكب فعلا يعتبر مخالف للقانون وهو ما يشجع عملية الفساد وايضا فان تعامل هذه الاجهزه الرقابيه تعامل سلطوي بغيض مع الموظف الحكومي الذي يجب ان تترك له مساحه للاجتهاد والابداع في عمله دون الخوف من المحاسبه التي تجعل من الموظف فقط اله لا تبدع ولا تسعى لتطوير العمل حتى اني لاحظت ان اغلب الموظفين الذين يتم ارسالهم في دورات تطويريه خارج القطر وتنفق عليهم الاف الدولارات يخافون من اسغلال المعلومات التي حصلوا عليها في الخارج لان هناك سلطات رقابيه لا تتورع عن التحقيق معهم في أي تغيير بسيط يطرا على الية العمل والتي قد تحقق سهوله في العمل وقد تزيد بالتالي الانتاج لدى الفرد فمثلا في وزارة النفط بمختلف تشكيلاتها يتم معاملة الموظف كمتهم مع كل خطوه يخطوها فتراه حائرا بما يجيب الاسئله والاستفسارات التي ترد اليه من النزاهه ومكاتب المفتش العام التي تنهال عليه بالجمله مخلفة ورائها شخصيه وظيفيه مهزوزه غير قادره على الانتاج والابداع ومن الجدير ذكره ان هذه الاجهزه لا تمتنع عن قبول أي شكوى تردها حتى مع علمها المسبق بان بعضها او اغلبها كيدي, ان الخوف من سطوة الاجهزه الرقابيه واسلوب التعامل مع الموظف يجعل الموظف يمتنع حتى عن تزويدها بما متوفر لديه من معلومات عن خروقات قانونيه كبيره جدا لسببين
1-انه يتم معاملته كمتهم وليس مخبر او شاهد والموظف بصفه عامه يخاف اجهزة الدوله الرقابيه
2- ان الموظف يرى ان اغلب الخروقات يتم حلها وديا(باسلوب حب خالك)ويبقى هو مكشوفا يتم التنكيل به دون معين وهذا ما حدث معي شخصيا وكان سببا فقدان وظيفتي
ان المطلوب من رئيس هيئة النزاهه القاضي رحيم حسن العكيلي وقفه جديه لتحسين اسلوب تعامل موظفيه في بغداد والمحافظات مع الموظفين بصوره عامه ومع الموظفين الحقوقيين بصوره خاصه وباحترام وتقدير عالي كشركاء في عملية كشف بؤر الفساد وليس كمتهمين وايضا اعتقد ان لا يجب ان يتم الاستمرار بالعمل بالاساليب القديمه واعتبار كل ما هو جديد في مجال الاداره مخالفه قانونيه تجعل الموظف لا يفكر سوى بالحضور للدوام وقضاء 8 ساعات والعوده للبيت دون ادنى رغبه بالمشاركه والتطوير .
Ana199952@yahoo.com

السبت، 7 فبراير 2009

إكذوبة إعادة الاعمار

إكذوبة إعادة الإعمار: الخطة السرية لنفط العراق

كتابات - عشتار العراقية

واحد – وهو في الواقع يمثل شريحة آخذة في الانقراض - اسمه (علي) يكتب لي رسالة بعنوان (نصيحة) يريدني ان اتوقف عن الكتابة عن الاحتلال وجرائمه، ويريدني ان اتخصص بكتاباتي عن (مظالم) صدام حسين. ويعتبر انه ليس هناك مظالم ولا ارواح قتلت ولا اموال نهبت الا في فترة ماقبل الاحتلال من بداية تأسيس الدولة العراقية ، وهذا طبعا خطاب تبرير الاحتلال، وكأن أي ظلم في العالم يبرر ان تدمر وطنك وتسلمه للغزاة. وأخيرا نصيحته لي ان اتجه ذلك الاتجاه (الى الوراء در) حتى لا أفقد قرائي.
والله اذا كان هؤلاء القراء على شاكلتك، فسوف يسعدني ان أفقدهم وأضيعهم وأتركهم يتساقطون على طول الطريق الذي أنا سائرة فيه الى الأمام. من يريد قراءا مثل هؤلاء؟ انك حتى لم تنتظر أن أتجاوز المقدمة في الحديث عن إعادة الاعمار ، وأدخل في التفاصيل. ومن قال اني ابحث عن شهرة وزيادة في عدد القراء؟ أنا أكتب للتاريخ، ولو قرأني فرد واحد فقط، فذلك يكفي الا تضيع مقالاتي هباء. ثم يعيب عليّ أن معلوماتي من الانترنيت. وهل قلت انها من مكان آخر؟ وهل ستكون مقالاتي أفضل لو كانت من مكان آخر؟ من أي مكان مثلا؟ من الوثائق التي سرقها وزورها احمد الجلبي؟ أم تلك التي يتاجر بها كنعان مكية؟ أو من شهادات الزور في محاكم الاحتلال؟ أم من البيانات الكاذبة لعزوز السقيم؟ أم من تصريحات مستشار الكذب القومي؟ أو من سوق مريدي مثلا؟ الانترنيت – اذا كنت ما تزال تعيش في العام 1400 م – هو الارشيف الكوني للعالم الآن. وكل اجهزة العالم الاستخباراتية والدفاعية وغيرها الان لديها مواقع على الانترنيت تنشرفيها فضائحها ووثائقها حتى السرية منها، ومقابل كل هذه المواقع هناك مواقع مضادة تنشر ما لاينشر من اسرار تلك الاجهزة ويقوم عليها اشخاص عملوا داخلها، فماذا اطلب غير ذلك؟ وهناك مهنة متخصصة الان اسمها (اعلامي انترنيت) وهي مهنتي حاليا. أما قولك:
(تطلبين من الاخرين تزويدك بمعلومات عن اعادة الاعمار والتساؤل هو كيف تقيمي صحة ما يُرسل اليك. كيف تعرفي مصداقية المعلومه؟) لا تقلق .. هذا شغلي.
**
تناول الكثير من العراقيين والعرب والاجانب مسألة (فشل اعادة الإعمار) وارجعوه الى سببين مهمين: اولا - عدم التخطيط لما بعد الغزو ، ثانيا – الفساد وعدم المساءلة (عند المسؤولين الكبار عراقيين وامريكيين، شركات النهب، القوانين) .
وأنا لا أريد ان اعيد هذه المقولات. وإنما اسعى الى إبراز مايلي:
1- انه لم يكن هناك فشل في التخطيط لما بعد الغزو وانما النهب والفوضى كانا بتخطيط مسبق.
2- أن المسؤولين عن الغزو لم يكونوا قادة سياسيين او عسكريين وإنما قادة شركات مرتزقة.
وهذا ليس جديدا أيضا، ولكني أحاول ان أتناوله من زوايا جديدة لم يتناولها أحد من قبل. فالنمط الأمريكي في التربح يكون بهذا الشكل: يتم اختيار المسؤول او الوزير او حتى رئيس البلاد من احدى الشركات الكبيرة ، في هذه الحالة يضطر الى الاستقالة من الشركة ، لأن القانون لديهم يمنع الجمع بين ادارة شركة وادارة دولة. ولكنه يظل في الخفاء يرعى مصالح شركته في اتخاذ قراراته سواء كانت سلما او حربا. بعد ان تنتهي مدته يعود الى الشركة وقد ازدادت توسعا وثراء. النمط الثاني هو الا يكون تابعا لاحدى الشركات ، ولكن شركة ما تمول حملته الانتخابية وتصعده ، وعليه ان يرعى بالمقابل مصالحها في سياسته الخارجية والدفاعية ، ثم حين يتقاعد يمنح منصب مدير في الشركة. هذا بالنسبة للقادة المدنيين ، أما بالنسبة للقادة العسكريين ، فإن الفاسدين منهم يتلقون الرشى طوال مدة خدمتهم مقابل وضع خطط ميدانية تخدم مصالح تلك الشركات، وحين يتقاعد العسكري، تجده فجأة رئيسا او مديرا لاحدى الشركات الامنية او الدفاعية.
دعونا نفضح هؤلاء، ونفضح طبيعة هذه الحرب البربرية، ودعونا نفضح المتربحين منهم من العراقيين الذين يدعون الدين او الوطنية. ودعونا نعرف الإجابة الأكيدة عن سؤال لماذا لم يتم إعمار البلا د حقا؟ دعونا نشترك جميعا في فضح علي بابا والاربعين الف حرامي. لقد وصلتني معلومات مهمة من بعضكم. معلومات من داخل بطن علي بابا. وأنا ادعو جميع المخلصين للوطن، ان يرسلوا لي بأية معلومة حتى لو كانت من كلمة واحدة. وأنا أتكفل بالبقية، وتأكدوا أن سركم في بير.
**

مما كتبه الكاتب الامريكي جريج بالاست بعد اربع سنوات من الغزو، مقالة مهمة بعنوان (مازال السبب النفط). قال فيها ان جورج بوش خاطب الشعب العراقي وهو يعلن الحرب بقوله"اريد ان اتحدث لشعب العراقي " ويقول الكاتب انه توقع ان يقول بوش للعراقيين "ان قواتنا تأتي محررة وليست غازية فلا تصوبوا نحوها النيران" ولكن بدلا من ذلك قال السيد بوش للعراقيين "لا تدمروا آبار النفط"

أي والله !

ومع ذلك فإن ادارة بوش كانت تكرر مرارا ان الحرب لا علاقة لها بالنفط وفي عام 2002 قالت وزارة الخارجية في الواشنطن بوست ان مجموعة دراسة العراق التابعة للخارجية (لم تضع النفط في قائمة حساباتها)

يقول الكاتب "ولكننا نعلم الان ان كوندليزا رايس عقدت اجتماعا سريا مع السكرتير العام السابق للاوبك فاضل الجلبي وهوعراقي ، وعرضت عليه منصب وزير النفط في العراق بعد الاطاحة بحكومته الشرعية." ولكنه رفض .

(في معمعة لطم الصدور حول كيف كان التخطيط للحرب سيئا، لم يذكر احد ان الحرب كانت ناجحة جدا جدا لشركات النفط الكبيرة. فقد أبقت الحرب انتاج النفط العراقي على 2.1 مليون برميل في اليوم وهو النسبة التي كان عليها قبل الحرب. وكان الانتاج قبل الحصار اكثر من 4 ملايين برميل في اليوم. في لعبة النفط . خسارة 2 مليون برميل في اليوم يساوي قدرة انتاج احتياطي كوكب الارض كله. بكلمات اخرى . تسببت الحرب في تعطيل انتاج النفط. والشركات الكبيرة تحب هذا . فسعر البرميل يتصاعد . وهذه كانت الخطة : وضع ارضية جديدة تحت سعر النفط. وعندي الخطة مكتوبة . في عام 2005 وبعد سنتين من الصراع مع وزارتي الخارجية والدفاع للحصول على الخطة ، حصلت عليها في برنامجي (ليلة الاخبار) في البي بي سي. ومسودة الخطة عنوانها "خيارات لصناعة النفط العراقية " والان اذا كنت ترى انه من غير المناسب ان تكتب حكومتنا خطة لنفط دولة اخرى . حسنا . لم تكتبها حكومتنا، رغم وجود ختم وزارة الخارجية عليها ، وانما شركات النفط هي التي كتبت الخطة المكونة من 323 صفحة في هوستون من قبل مديري الشركات الكبيرة ومستشاريهم. إن الشك في ان بوش قد ذهب للحرب على العراق من أجل النفط. لم يكن صحيحا. فإن الوثيقة والتسجيلات السرية للمتآمرين ، يجعل من الواضح ان الادارة الامريكية ارادت التأكد من ان امريكا لا تحصل على النفط. بكلمات اخرى ، ان تحتفظ بالغطاء محكما على انتاج النفط العراقي . وهكذا يظل السعر عاليا)

ويقول الكاتب ايضا ان قانون النفط الذي تبنته الحكومة العراقية (2007) هو نسخة من (الخيارات) الموجودة في الخطة التي كتبت قبل "تحرير" العراق بمدة طويلة.

(بمعنى آخر : ان الحرب جرت حسب الخطة . خطة هوستون، وقد سجلت ايكسون موبيل ربحا في اوائل 2007 مقداره 10 بلايين دولار. وهو اعلى ربح في تاريخ اي شركة في العالم. )

وفي برنامجه قال بالاست ان مصادرا من داخل الادارة الامريكية قالوا له ان التخطيط لنفط العراق بدأ خلال اسابيع من تنصيب جورج بوش في 2001 وقبل هجمات 11 ايلول بفترة طويلة. وقد أعلمه فلاح الجبوري وهومستشار نفط عراقي الاصل والذي قال انه شارك في الاجتماعات السرية في كاليفورنيا وواشنطن والشرق الاوسط، ان خطة شركات النفط المفضلة قد ازيحت بخطة سرية رسمت قبل ايام قليلة من الغزو في 2003 ، تدعو الى بيع كل آبار النفط العراقية. وقد رسم هذه الخطة المحافظون الجدد العازمون على استخدام النفط العراقي لتخريب كارتل الاوبك من خلال زيادة هائلة في انتاج النفط العراقي تتجاوز حصة الاوبيك. وقد اعطيت خطة البيع، الضوء الاخضر في اجتماع سري في لندن رأسه احمد الجلبي بعد احتلال القوات الأمريكية بغداد.

هذا ما أعلنه روبرت ايبل وهو محلل سابق لشؤون النفط والطاقة في السي آي اي ، والآن هو عضو في مركز الدراسات الستراتيجية والدولية في واشنطن وقد اخبر برنامج (ليلة الاخبار NewsNight) بأنه طار الى لندن للاجتماع حسب طلب وزارة الخارجية .

ويقول الجبوري ان خطط بيع نفط العراق والتي دعمها مجلس الحكم المنصب أمريكيا في 2003 ساعدت على اطلاق المقاومة والهجمات على القوات المحتلة الامريكية والبريطانية. وكان الكثير من الهجمات تقع على مرافق النفط وانابيبه من اجل تعطيل نوايا المحتل.

والغريب في الأمر ان شركات النفط لم تكن تشجع على خصخصة نفط العراق. فقد واجه فيليب كارول (مستشار النفط في حكومة بريمر) وكان قبل تنصيبه مديرا لشركة شيل ثم شركة فلور للخدمات النفطية "لن يكون هناك خصخصة للنفط طالما انا موجود" . وكانت الشركات تفضل اقامة شركة حكومية عراقية للنفط وقد حدث ذلك في كانون الثاني 2004 تحت اشراف آمي جاف من معهد جيمس بيكر في تكساس.

وبيكر كما تعرفون كان وزير خارجية امريكا تحت حكم بوش الاب وقد اصبح الان محاميا يمثل شركة اكسون موبيل والحكومة السعودية. (ياسبحان الله) !!

وتقول الانسة جاف ان شركات النفط تفضل سيطرة الدولة العراقية على نفطها بدلا من بيعه لأنها تخشى ان يحدث ماحدث عند خصخصة الطاقة في روسيا، حيث حرمت الشركات الامريكية من المنافسة للحصول على الاحتياطي. وتقول الانسة جاف ان شركات النفط لا تشجع اية خطة للتقليل من شأن الاوبيك والاسعار المرتفعة الحالية.

علينا أن نفهم هذه المسألة. هل فعلا تفضل شركات النفط الأجنبية سيطرة الدولة العراقية على نفطها؟ أم ان المقصود بهذا اجراء مرحلي؟ حيث أن عدم استقرار العراق يرجيء عملية استثمار الشركات ألأمريكية الكبيرة ؟ وهناك خوف من ان تستولي شركات روسيا والصين وفرنسا وغيرها على الاحتياطي العراقي؟

في 2008 دخلت شركة شيل في عقد شراكة مع الحكومة العميلة لسرقة الغازالطبيعي بحصة 49% . ولكن انتم الان تعرفون من كان مدير شيل؟ ليس غير فيليب كارول. وكان قد عمل 37 سنة في شيل ثم تركها في 1998 والتحق بشركة اخرى اسمها فلور كورب Fluor Corp متخصصة في الهندسة وصيانة المصافي الخ . ثم استقال حين طلبوه للذهاب الى العراق ليكون (وزير) النفط. اي المستشار الذي يحرك (الوزير العراقي) الدمية على مسرح الأحداث. ثم ترك العراق ، وياللعجب صار مدير شركة سلاح BAE Systems وهي الشركة البريطانية التي تورطت في الفضيحة المسماة (اليمامة) حول الرشاوي والتربح والفساد بالعلاقة مع السعودية ، وربما علينا ان نفتح ملف الشركة لنرى ماذا فعلت في العراق ومادور كارول وكيف تمت مكافأته بتعيينه رئيسا للشركة حاليا. بمناسبة اليمامة ،هذا يقودنا للحديث عن جيمس بيكر ومعهده، وتمثيله للسعودية ، علما ان نفس هذا المتورط بالرشاوي السعودية فيليب كارول هو عضو في معهد جيمس بيكر.

يعني القضية متشابچة، والفاسدون يقعون على أشكالهم دائما.

ولكن لماذا لا نبدأ من البداية ؟ في الحلقة المقبلة اروي لكم مغامرات وحظوظ اول حاكم للعراق بعد الإحتلال : جي گارنر ، وصعوده او هبوطه من حاكم مطلق لمدة شهرين الى بيت في السليمانية الى حفر آبار النفط في شمال العراق المغتصب.

كيف خرج من الباب وعاد من الشباك؟ هذه هي قصة الاستيلاء على العراق في أكبر عملية قرصنة في التاريخ الحديث.

الثلاثاء، 3 فبراير 2009

رسالة الى المتقاعد المحظوظ محود المشهداني

خلود حميد النعيمي
تحية طيبة
لا اريد ان اقارن راتبك التقاعدي مع رواتب رؤساء الحكومات والدول ولا مع الراتب التقاعدي للملوك والقياصرة لان لكل بلد قوانينه ونظامه ولكل متقاعد راتبه وحقه لقاء الخدمة التي قدمها ولكني اريد ان اقارن راتبك مع راتبي وخدمتك مع ما قدمته من خدمة للعراق وابناءه الاعزاء. أنا خريجة معهد أعداد المعلمات وتعينت معلمة في احدى مدارس بغداد الابتدائية المتواضعة في عام 1983 ومنذ ذلك اليوم ولغاية احالتي على التقاعد في نهاية عام 2008 لم اتمتع باية أجازة أثناء السنة الدراسية وكنت ابذل قصارى جهودي كي أعلم فلذات أكباد نا . وحتى أيام الحصار والراتب الذي لم يتجاوز 3000 دينار في الشهر لم اترك التدريس ولم اسمح لنفسي ان افكر ولو مرة في ترك التلاميذ بدون معلمة ليس من اجل الـ 3000 دينار التي لم تكن تكفي لشراء حذاء كي اداوم به في المدرسة ولكن من أجل ان لا يبقى ابني وابنك بدون معلم . لقد تفاجأت براتبي القاعدي الذي يبلغ 392 الف دينار كل شهرين اي 196 الف في الشهر ويساوي 160 دولار شهريا ... نعم 160 دولار وأنا أم لخمسة أطفال لي خدمة 25 عاما في أصعب مهنة وهي التدريس الابتدائي. وأنت يا رئيس البرلمان السابق ليست لديك خدمة تذكر ويا ريت فيها اي نوع من الخدمة للمواطن العراقي البسيط وراتبك التقاعدي 40 الف دولار شهريا !!!!!!!!!!!! ! هل هذا صحيح ؟ هل صحيح ما سمعناه يا حاج محمود ؟ انك تستلم هذا المبلغ شهريا ؟ اذا كان صحيحا فلا أريد ان أقول الا حسبي الله ونعم الوكيل. كيف رضيت على نفسك أن تقبل به حتى ولو قررت الحكومة منحك هذا المبلغ الفاحش من قوت العراقيين المساكين. ماذا قدمت للعراق في هذه الفترة القصيرة من خدمتك النرجسية في قبة البرلمان غير خدمات للبرلمانيين والمسؤلين في المنطقة الخضراء دون ادنى شيئ يذكر للمساكين والكادحين. لا تقل ان ذلك رزق من الله سبحانه وتعالى ، الم تقرا كيف وضع سيدنا علي بن ابي طالب جمرة في يد اخيه البصير عقيل عندما طلب منه زيادة في راتبه من بيت المال ؟ ام انكم تقراؤن فقط ما يروق لكم . والسلام على من اتبع الهدى...

الأحد، 1 فبراير 2009

الفساد في محافظة كربلاء

كربلاء تُخدَش قدسيتها...(الخبير) نوري لطيّف نموذجاً

كتابات - أحمد توفيق

لم أعهد نفسي التلذذ بالتشنيع (بالنون أو اللام) بفلان أو علاّن، ولست مهتماً كثيراً بالعورات التي ستنكشف عندما تهب عليها نسمات ما أكتب وأنشر هنا وهناك.
غير أننا إذا كنا قد إستسغنا فكرة أن قدسية كربلاء كانت عرضة للخطر، على مدى السنين الطويلة الماضية، فإن من المفترض أن نستغرب عندما يأتي مَنْ يزعم أنه من أبنائها، ليشارك في عملية الخدش، بوعي أو بدونه.
وبناء على هذا، وإستلهاماً من حِكَم القائد الملهم فإن(كل الكربلائيين الفاسدين أمويون وإن لم ينتموا) !!

ومن المساهمين الحقيقيين في جعل محافظة كربلاء المقدسة في المرتبة الأولى بالفساد الإداري يأتي إسم (نوري لطيّف) في مقدمة اللائحة الكربلائية المشرفة.
المهندس أو رئيس المهندسين نوري لطيّف، هو الذي يتلذذ بكلمة (سيّد) أو مولاي التي يناديه بها حاشيته في (البراني) بمديرية الري الغارقة بالفساد، والتي تنتظر أحد مبازل النزاهة النائمة حزبياً، كي ينقذ عباد الله من بركات السيد المقدس!!
فالسيد الجليل -إحنه إبّختْ جده- ومنذ سنوات يستنقذ أموال الشيعة من خزائن الدولة الكافرة، ليدفنها في (حي الموظفين).. بحجة أنها أموال الإمام المنتظر ؟!.. وحسب الصلاحيات الممنوحة للسيد المقدس، فله الحق الشرعي لإستثمار جزء منها في فنادق ومطاعم وشركات كربلائية وغيرها.. دعما للإقتصاد الإسلاموي.

(نوري بن محمد علي آل لطيّف) جاهد وإجتهد وقاتل في سبيل الحصول على لقب (خبير).. وهو حسب ما أعرف يستحقها.. لأنه بالفعل خبير.. ولاتحرجونا بالسؤال ( خبير في ماذا ؟) !!
هو مثل غيره علّق خلفه، في مكتبه الذي يوازي مساحته ما يساوي بيتاً يحلم به شاب كربلائي، لوحة مذهّبة تقول: ( لو دامت لغيرك ما وصلت إليك).. لكن ليس من الصعوبة أن تشاهد لوحة أخرى مُسَمَّرةً في حدقات السيد المقدس وهي تصرخ : ( ما أسلمها إلاّ تراب ) !!! مَثَله كمثل بقية الهررة القابعة على كراسي الحكم في دوائركربلاء.
وأخشى أن أسرد للأخوة والأخوات ماضي السيد، فيعتقدون أنه بالفعل كان من المناوئين والمتضررين والمسجونين والمهجرين والمستشهدين ووو...، أبان حكم النظام السابق.
فالكثير دفع ثمناً غالياً لتوهمه بأن كل مغضوب عليه في زمن النظام السابق يصلح لقيادة المرحلة التالية. والحال يكشف أي سذاجة إكتنفت هذه الفكرة المتخلفة. وأصبحنا اليوم نسمع نداءات الإستغاثة من أهالي المدينة لعودة رموز من الحقبة السابقة ليديروا دفة الحكم، بدل الزمر الفاسدة الحالية، كالتعاطف مع الدوري السجين أو التأييد للحبوبي المسكين.
والمقدس أصبح خبيراً ليس ليلطش مخصصات خبرته، فراتبه منتفخ للدرجة التي لم تعد تنفع معه كل منتوجات سفن آب!!، لكنه ضحى براحته من أجل سعادته أبناء المدينة الفاضلة، فعين إبنه (السنفور المقدس) وأبناء الأقارب والنسايب وباقي الطلايب في المديرية وفروعها شرقاً وغرباً، قربة لوجه الله تعالى!!
والجانب الأكثر إشراقاً في خبرته هو إختزاله لميزانيات المشاريع، وتحويلها من مليارات الى ملايين ؟!
فالسيد المقدس يعلم جيداً، كما أعلم، الأجر والثواب الذي إستحصله من شفط الملايين لمشروع إستصلاح منطقة (بني حسن) !!! وهو يتذكر(الإختزال) المبارك من الستة مليارات وثمنمائة وسبع وتسعون مليوناً ومئة وخمسة عشرة ألف دينار ؟! التي طبل لها إعلامياً. - لاحظوا الدقة ... ومئة وخمسة عشرة ألف دينار ..!!! يعني بالدينار والفلس ويجوز العانه همّات ؟! -
وهذا المشروع مثال فقط لعشرات المشاريع التي أنجزتها خبرة السيد وإلهامه للمهندسين والفنيين من حوله. إبتداء بمشروع مضخات الرزازة العملاقة وإنتهاء بمشروع إزالة زهرة النيل أو شمبلانيات آل لطيّف، والذي سجل رقماً قياسياً في عدد العمال الوهميين المسجلين في هذا الكرنفال الشمبلاني ذو الـ 150 مليون دينار ، وكان باكورة إنجازات السيد الإختزالية؟!..
مروراً بمشروع استصلاح ري الحسينية ( 12.5 مليار دينار) ومشروع تبطين جدول الدويهية (830110 ) دولاراً فقط.. وغيرها من مشاريع كلفت خزينة الشعب المليارات، مثلما إستفذت أموال الدول المتبرعة بالين الياباني والدولار الأمريكي.

والأكثر إثارة هو الزئبقية العجيبة التي تمكن بها السيد المقدس الإفلات من كل التقارير والملاحظات والصور والمعلومات والأرقام المقدمة ضده.. في مجلس المحافظة أو النزاهة أو حتى الوزارة ؟!
بالطبع السر لايعود لأن المجلس أوالنزاهة مجرد (ديكور) ولا لأن وزارة الري علاها الصدأ فقط ، بل لأن السيد المقدس من محترفي الولائم والعزائم كما الغنائم.. وهو يعرف كيف يقتنص المسؤولين الذين يتقاطعون مع فتوحات آل لطيّف لخزائن الأرض!!
تمنيت لو لم يكن أخي الزاملي من هواة الديناصورات، وأن يسمع كلامي بتحديث موقعه، وهذا كان سيساعدني في تضمين هذا المقال صورة للسيد المقدس، ليتبرك بها الأخوة والأخوات.. فالنظر للعالم عبادة.. فما بالك لو كان (خبيراً) ؟!
وكل الذين سيرون وجهه البريء سيشتعرون بقشعريرة تستشري لا إرادياً في أبدانهم!! فهذا الوجه ليس عادياً، ومسحة الإيمان تجعلك تدخل في غيبوبة عميقة، كتلك التي نحن فيها منذ نيسان 2003.
ويكاد الضوء المنبعث من البقعة السوداء المرتسمة على جبين السيد المقدس تصدح عالياً: ( سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) .. وأرجو أن لاينبز أحدكم ويسأل: السجود لمن؟ فهذه قضية أكثر إحراجاً من الأولى؟!

السيد المقدس عاش وعاشر وتمتّع بالحكومات المحلية المتتابعة، منذ العهد البريمري ولغاية العصر الخزعلي. ولعب لعبة القط والفأر مع مسؤولي النزاهة وتلسكوبات الصحافة والإعلام وسواهم، وخرج منها سالماً مسلحاً!!
سالماً من عيون الحاسدين والطامعين والشامتين...
ومسلحاً بالعقارات والسيارات والملايين المدفونة في هذا المشروع أو ذاك. هذا غير الملايين التي دعم بها إقتصاد دولة الإمارت الفقيرة؟!
وبالطبع خرج مسلحاً بخبرة وفن التشبث بالكرسي، إستحصلها من عبثية وهمجية وغباء الحكومة المحلية، الأفسد في تأريخ العراق الحديث والقديم والزمخشري واليعقوبي والمسعودي ووو...
فلم تمر مدينة كربلاء منذ تأسيس الدولة العراقية، بأسوء من هذه الحكومة الهجينة من أطياف حزبية ودينية متنافرة منذ الولادة.
وخيوط الفساد الإداري غالبا ما تنتهي الى الهررة السمان القابعة خلف القاط والرباط والشوارب المنفوشة، في مكاتب المدراء العامين ونحوهم ممن وجدوا صدفة فرصة العمر للشبع والتخمة بالمال والجاه.. والحريم أيضاً ..

ومن دون أغلب المحافظات العراقية، فإننا في كربلاء (نبلع ونسكت) !! رافعين شعار (الشكوى لغير الله مذلة). فأين ما تولي وجهك فثمة مخبراً أو جاسوساً أو عميلاً لمن تريد رفع الشكوى عليه !!. ولو قُدر لك أن تصل لبلاط السيد المحافظ -دام شعره اللامع- فإنك ستخرج حاسداً الحمار، كونه الأذكى منك ؟!
فحبيب القائد العام للقوات المسلحة يعيش منذ توريطه (دعوچيا) بهذا المنصب، حالة من (التداخل الروحى المتمعن في اللاوعي الناضج ضمن المرحلة المتقوقعة الساعية للمنجز الذهني المتبلور عبر تداعيات الماضي المستقبلي للعبور نحو الضفة الأخرى....) وهو يجدّ ويجتهد في الإبحار ببطون المعاجم لإصطياد غريب مفردات اللغة العربية، يلقيها على مسامع المساكين المنتظرين شهرياً مفردات البطاقة التموينية ..
وما دام القط غائباً فالفئران تصول وتجول في دوائرنا الحكومية. والمواطنون أدمنوا الطوابير الطويلة، مثلما هي الحال مع الرشاوى والواسطات. وصارت أيام دوائرنا في فترة النظام السابق (ذهبية) عند الكثير. فعلى الأقل كان هناك (كذا إبن كذا) تستطيع التشاكي عنده.
أمّا الآن، فمعظم المسؤولين متكئين على مرجعيات سياسية أو دينية. وكِلا الطريقين يؤديان النار.. في الدنيا والآخرة؟!

هكذا.. وفي ظل هذا الظرف السعيد، يعيش الخبير نوري لطّيف رغم أنوف الأعداء والمتآمرين، مضحياً بكل شيء من أجل إزدهار وإفتخار وإنتصار وجُلنار ... مدينة كربلاء !!
وحسب (موضة) روزخونية صحن الحسين هذه الأيام، فقد ذكر الخبير المقدس بأنه حلم أن شخصاً نورانياً طاف عليه وأخبره أنه سيستشهد بعبوة لاصقة ستوضع في شاصي سيارة الدبل قمارة الحكومية التي يستخدمها لأغراضه الشخصية.. وأن هذا الأربعين سيكون الأخير له..
فإستيقظ مقدسنا نائحاً لاطماً صارخاً: ( ومَنْ للرعية بعدي ؟)
مصدر مقرب -بالتأكيد رفض الكشف عن إسمه- قال أن السيد أكد أنه سيدفع ثمن نزاهته وإستقامته طيلة الفترة الماضية.
ولم يذكر المصدر المقرب عمّا إذا كان السيد قد كتب وصيته أم لا، ولمن ستعود أملاك آل لطيّف من بعده؟
ولو حصل هذا، فإن الإسلام سيثلم ثلمة لن تعوض، وستفقد مدينة كربلاء - كالمعتاد- إبناً بارّاً مخلصاً لها ولأهلها، قضى حياته في الجهاد والنضال الكفاح ضد الظلم والإستبداد...

فسلام عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث (خبيراًَ)